محكمة الاستئناف العليا في فيينا تدافع عن أحكام البراءة في قضية إساءة معاملة قاصر.. “العدالة مُلزمة حصراً بالقانون”
دافعت محكمة الاستئناف العليا في فيينا (OLG) عن أحكام البراءة الصادرة بحق عشرة شبان في قضية تتعلّق بالاعتداء الجنسي على طفلة تبلغ من العمر اثنتي عشرة عاماً، مشددة على أهمية المبادئ الدستورية وسيادة القانون في مواجهة الانتقادات والضغط الإعلامي الذي أعقب صدور الأحكام، بحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA).
أثارت أحكام البراءة الصادرة بحق عشرة شبان، كانوا متهمين بالقيام بأفعال ذات طبيعة جنسية مع فتاة تبلغ من العمر اثنتي عشرة عاماً، جدلاً واسعاً. وفي بيان صادر عن محكمة الاستئناف العليا (OLG)، أكدت رئيسة المحكمة، Katharina Lehmayer، أن قرارات القضاء تتخذ بالاستناد حصراً إلى القوانين والأدلة المقدمة. وشددت على أن الضغط العام، والتوقعات الإعلامية، أو القيم الشخصية، يجب ألا تؤثر على الأحكام القضائية، قائلة: “في دولة القانون، يلتزم القضاء بشكل صارم وحصري بالقانون”.
“الاعتداءات على القضاة غير مقبولة”
وأوضحت Lehmayer أن المحاكمة الرئيسية جرت في جلسات مغلقة لحماية الضحية، ولكن هذا الإجراء أدى إلى “عدم حصول وسائل الإعلام على رؤية كاملة لعملية تقديم الأدلة”. ووفقاً لـ Lehmayer، فإن هذا كان أحد الأسباب التي أدت إلى انتشار معلومات مغلوطة وانطباعات زائفة في النقاش العام. وأشارت إلى أن هذا لم يُضعف الثقة في القضاء فحسب، بل أدى أيضاً إلى هجمات شخصية ضد القاضي الذي ترأس الجلسة، وهو ما وصفته رئيسة محكمة الاستئناف العليا بأنه “غير مقبول”.
كما أشارت Lehmayer إلى المخاطر الناجمة عن التقارير الصحفية غير الدقيقة أو الخاطئة: “التقارير الخاطئة تُعرّض الثقة في القضاء، وبالتالي دولة القانون، للخطر”. وأوضحت أن المنصات الإعلامية الاجتماعية تحديداً شهدت انتشاراً للتكهنات والتقديرات الشخصية التي شوهت الحقائق، مما أثر على النقاش العام وأدى إلى توجيه تهديدات ضد القاضي وعائلته.
دعوة إلى تقارير صحفية موضوعية ومسؤولة
أكدت رئيسة محكمة الاستئناف العليا على أهمية حرية التعبير والصحافة النقدية، ولكنها دعت وسائل الإعلام في الوقت ذاته إلى التعامل بمسؤولية مع المعلومات وعدم توفير منبر للتكهنات المشكوك فيها. وقالت Lehmayer: “يولي القضاء أهمية قصوى للحق في حرية التعبير والصحافة النقدية. ولكن يجب ألا يُسمح بوجود مساحة للمعلومات الكاذبة”.
ويواجه القضاء في هذه القضية تحدي الموازنة بين حماية الضحية والشفافية. وأوضحت Lehmayer أن قيود السرية المفروضة على إجراءات المحاكمة غير العلنية تمنع نشر جميع التفاصيل، وهو ما قد يؤدي إلى سوء فهم. ودعت كلاً من وسائل الإعلام والجمهور إلى احترام المبادئ الدستورية والمحافظة على استقلالية المحاكم.
وختاماً، أكدت Lehmayer أن القذف أو حتى الاعتداءات الشخصية ضد القضاة “أمر غير مقبول بتاتاً ويقوّض القيم الأساسية لمجتمعنا”، مشددة على ضرورة إجراء مناقشات موضوعية وقائمة على الحقائق للحفاظ على الثقة في سيادة القانون.



