الائتلاف الحكومي في النمسا يفرض سياسات لجوء أكثر تشددًا مما طالب به اليمين المتطرف

بعد أكثر من 150 يومًا على الانتخابات البرلمانية في النمسا، قدمت الأحزاب الثلاثة المتحالفة لتشكيل الحكومة الجديدة برنامجها الرسمي، والذي يتضمن إجراءات لتعزيز الأمن والاقتصاد والتعليم، إلى جانب تشديدات ملحوظة على سياسات الهجرة واللجوء، بما في ذلك تعليق لمّ شمل الأسر للاجئين.

اتفاق ثلاثي على برنامج حكومي مشترك

أعلن زعماء حزب الشعب النمساوي (ÖVP)، والحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPÖ)، وحزب النيوس (Neos)، يوم الخميس، عن نجاح مفاوضات تشكيل الحكومة الائتلافية الثلاثية والتوصل إلى اتفاق نهائي بشأن تفاصيل برنامجها، وذلك بعد محادثات مكثفة استمرت لأسابيع.

وصرّح كريستيان ستوكر، زعيم حزب الشعب النمساوي والمستشار الاتحادي المقبل:
“لقد خضنا ربما أصعب مفاوضات حكومية في تاريخ النمسا، لكننا الآن نمتلك اتفاقًا حكوميًا يضمن القدرة على العمل”، وفق ما نقلته وكالة الأنباء النمساوية.

من جهته، أكد أندرياس بابلر، رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي ونائب المستشار المقبل، أن الأحزاب الثلاثة استطاعت تحقيق تسوية تدفع بالنمسا إلى الأمام. أما بياته ماينل-رايسينغر، زعيمة حزب النيوس، فأعربت عن رضاها عن الاتفاق، مشددة على أن المرحلة الحالية تتطلب مسؤولية سياسية كبيرة.

قيود جديدة على اللجوء والهجرة

رغم اختلاف التوجهات السياسية للأحزاب الثلاثة، إلا أنها تمكنت من التوصل إلى حلول وسطية. وأوضح بابلر أن هذا النهج يعد “تقليدًا نمساويًا قديمًا”، مشيرًا إلى أن البرنامج الحكومي ليس انعكاسًا كاملاً لأي حزب، بل هو ثمرة توافق مشترك.

وفيما يتعلق بالسياسات الاقتصادية، أشار ستوكر إلى أن خفض تكاليف الأجور غير المباشرة يعد من الأهداف المهمة، لكنه شدد على أن التنفيذ سيعتمد على الإمكانيات المالية المتاحة في الميزانية.

أما على صعيد الهجرة، فقد تضمن البرنامج الحكومي تشديدات كبيرة في قوانين اللجوء والإقامة، رغم مشاركة الحزب الاشتراكي الديمقراطي في الائتلاف، حيث جاءت الإجراءات أكثر صرامة مما كان متوقعًا، خصوصًا فيما يتعلق بالمساعدات الاجتماعية لطالبي اللجوء.

تعليق لمّ الشمل وإيقاف طلبات اللجوء في حالات معينة

أعلن ستوكر عن قرار تعليق لمّ شمل الأسر مؤقتًا وبأثر فوري. وجاء في نص البرنامج الحكومي الذي نشرته صحيفة INFOGRAT, أنه “سيتم إيقاف لمّ الشمل مؤقتًا، ويُطبق القرار فور صدوره، وعند استئنافه، لن يتمكن الأزواج من القدوم إلى النمسا إلا بعد بلوغهم سن 21 عامًا بدلًا من 18 كما كان الحال سابقًا”.

كما أكد ستوكر أن الحكومة تحتفظ بحق إيقاف طلبات اللجوء بالكامل في حال ارتفاع أعداد اللاجئين بشكل كبير. وينص البرنامج الحكومي على أن “سياسة اللجوء المشتركة للاتحاد الأوروبي سيتم تطويرها بحيث يتم تقليل عدد طلبات اللجوء المقدمة في النمسا إلى الصفر”، مع إمكانية تفعيل بند الطوارئ الأوروبي، مما يعني تعليق قبول طلبات اللجوء الجديدة.

وفيما يخص الترحيل، ستعمل الحكومة على إنشاء مراكز خاصة لإيواء الأشخاص الذين رفضت طلبات لجوئهم، بهدف منعهم من الاختفاء أو الهروب قبل تنفيذ قرارات الترحيل.

اندماج إلزامي وعقوبات على المخالفين

ينص البرنامج الحكومي أيضًا على “واجب الاندماج منذ اليوم الأول”، حيث شدد ستوكر على أن “من يريد العيش في النمسا بشكل دائم، يجب أن يستوعب القيم النمساوية، ويتعلم اللغة الألمانية، ويعمل”.

وبموجب القوانين الجديدة، سيتم فرض برنامج اندماج إلزامي على اللاجئين والأشخاص الحاصلين على الحماية، والذي يشمل تقييم المهارات، ودورات لتعليم القيم النمساوية، ودورات مكثفة في اللغة الألمانية.

وسيواجه من يفشل في اجتياز دورات اللغة الألمانية عقوبات مالية، كما سيُطلب من جميع الحاصلين على اللجوء أو الحماية المؤقتة التوقيع على وثيقة “تعهد برفض معاداة السامية”.

أما فيما يخص المساعدات الاجتماعية، فسيتم تقليصها للاجئين الجدد، حيث سيحصل القادمون حديثًا على تحويلات مالية مخفضة خلال السنوات الثلاث الأولى، دون أي زيادات خلال هذه الفترة.

حظر الحجاب للفتيات القاصرات وتعزيز الثقافة النمساوية

اتفق الائتلاف الحكومي الجديد على حظر ارتداء الحجاب للفتيات القاصرات حتى سن 14 عامًا، على أن يتم إصدار قانون بهذا الشأن بما يتماشى مع الدستور. كما ينص البرنامج على تعزيز “الثقافة الاحتفالية النمساوية” في المدارس ورياض الأطفال، مثل احتفالات القديس نيكولا وعيد الشكر.

شروط جديدة للحصول على الجنسية النمساوية

يتضمن البرنامج الحكومي شروطًا جديدة للحصول على الجنسية، حيث سيُطلب من المتقدمين اجتياز دورة في المواطنة، مع رفع متطلبات إتقان اللغة الألمانية. في المقابل، سيتم تخفيف المتطلبات المالية للأشخاص الذين يعملون في مهن حيوية يحتاج إليها سوق العمل. كما لن تؤدي المخالفات الإدارية البسيطة إلى رفض طلبات التجنيس، اضافة لتفعيل استثناءات خاصة لعديمي الجنسية وذلك حسب القوانين الدولية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى