الرئيس النمساوي يهاجم سياسات ترامب الاقتصادية ويدعو أوروبا للتخلي عن الخوف من روسيا
أكد كبار المسؤولين في الدولة، ممثلين بالرئيس الاتحادي Alexander Van der Bellen والمستشار الاتحادي Christian Stocker (عن حزب ÖVP) ووزيرة الخارجية Beate Meinl-Reisinger (عن حزب NEOS)، يوم الأربعاء، التزامهم بالحوار والتعاون بين الدول، وذلك بمناسبة انعقاد المداولات العامة لـالأمم المتحدة، وقد التقى السياسيون الثلاثة، الذين يمثلون قمة القيادة في النمسا، الأمين العام للأمم المتحدة Antonio Guterres في نيويورك، حيث كان موضوع ترشح النمسا لمقعد في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حاضراً على الأرجح في جدول أعمال اللقاء، بحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA).
القيادة النمساوية تؤكد ضرورة الحوار
خلال مؤتمر صحفي مشترك في نيويورك، أجمعت القيادة النمساوية على أنه على الرغم من التحديات والتحولات العالمية التي تواجه الأمم المتحدة في الذكرى الثمانين لتأسيسها، فإن الحاجة إلى “قنوات حوار مفتوحة” لا تزال قائمة، خاصة في ظل بؤر الأزمات العديدة.
وقال Van der Bellen إن العالم يشهد صراعات أكثر من أي وقت مضى خلال الأعوام الثمانين لوجود الأمم المتحدة، وأشار إلى أن الحرب العدوانية التي تشنها القيادة الروسية على أوكرانيا أو الصراع في الشرق الأوسط قد أحدثت انقسامات دولية عميقة، وبحسب الرئيس الاتحادي، فقد أدى هذا إلى انهيار شركاء كان يُعتمد عليهم لعقود، مما وضع التعددية في أزمة، وأكد أن التعاون بين الدول هو أحد “ركائز الديمقراطية”، وشدد على أهمية استغلال فعاليات مثل المداولات العامة السنوية للأمم المتحدة لإجراء العديد من المحادثات، “دون الحاجة إلى السفر حول العالم”.
الرئيس الاتحادي يدعو إلى “أوروبا واثقة من نفسها”
وفي الوقت نفسه، دعا الرئيس الاتحادي أوروبا إلى المزيد من الثقة بالنفس. فالاتحاد الأوروبي وحده يمثل سكاناً يفوق عددهم 500 مليون نسمة. وإلى جانب المملكة المتحدة والدول الأخرى غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، فإن هذا يوفر إمكانات اقتصادية هائلة.
أشار Van der Bellen إلى أن روسيا، على الرغم من مساحتها الشاسعة، لا يتجاوز عدد سكانها حوالي 150 مليون نسمة، وتواجه اقتصاداً متدهوراً، لا سيما بسبب العقوبات المفروضة عليها نتيجة الحرب. وقال: “لدينا روسيا، التي يقع ناتجها المحلي الإجمالي بين إسبانيا وإيطاليا“. وتساءل: “مما نخشى؟” وأشار إلى أن ميزانية الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك المملكة المتحدة، أكبر بعشر مرات تقريباً. وخلص إلى القول: “أتمنى أن تكون أوروبا موحدة وواثقة من نفسها”.
وشدد على أن هذا ينطبق أيضاً على سياسة التعريفات الجمركية لـالرئيس الأمريكي Donald Trump، والتي يعتبرها مضللة. وقال أستاذ الاقتصاد السابق: “التعريفات الجمركية تُبطئ الاقتصاد بدلاً من تعزيزه”، وقد “تحمي وظائف على المدى القصير، ولكن ليس على المدى الطويل”، لكنها بالتأكيد تزرع عدم اليقين.
Stocker: من المهم أن نستمع لبعضنا البعض
أشار المستشار Stocker أيضاً إلى أن المجتمع الدولي اجتمع في نيويورك في “أوقات مليئة بالتحديات”. فبالإضافة إلى الصراعات مثل تلك في أوكرانيا أو الشرق الأوسط وبؤر الأزمات الأخرى، حدثت تراجعات في السنوات الماضية في مجالي “سيادة القانون” و”الديمقراطية”.
وقال Stocker إنه قد يُخيَّل للبعض أن الأمم المتحدة قد فشلت ووصلت إلى ذروتها أو تجاوزتها. وعلى الرغم من أن Stocker لم يذكر الرئيس الأمريكي بالاسم، إلا أن Trump كان قد ألمح إلى فشل عام لـالأمم المتحدة في كلمته الافتتاحية أمام الجمعية العامة في اليوم السابق.
وأكد Stocker أنه يجب محاربة مثل هذا الانطباع. ولهذا، فإن أماكن مثل مقر الأمم المتحدة في نيويورك مهمة لإجراء المحادثات، “حتى مع أولئك الذين يتبنون مصالح وروايات مختلفة”. وأضاف: “من المهم أن نستمع لبعضنا البعض، حتى لو لم نتفق”.
بالإضافة إلى ذلك، قال Stocker إنه “يجب أن نلتزم بالعلم”، وذلك رداً على تشكيك Trump في تغير المناخ. وأوضح: “من الواضح تماماً أن تغير المناخ موجود” وأن هناك “مساهمة من صنع الإنسان فيه”. ومع ذلك، فإن فعاليات الأمم المتحدة مثل “الأسبوع رفيع المستوى” موجودة لمناقشة المواقف المختلفة.
“مفترق طرق” للديمقراطيات
وعن تزايد الأنظمة الاستبدادية في العالم، قال Stocker: “نحن عند مفترق طرق”. وأضاف: “علينا أن ندافع عن حرياتنا. فالديمقراطيات تنهار عندما لا يدافع عنها الديمقراطيون”. ولكن لهذا السبب بالتحديد يجب البقاء في حوار، وضرب Stocker الصين كمثال.
وأشار إلى أنه التقى رئيس الوزراء الصيني يوم الثلاثاء. وقال: “نحن بحاجة إلى التعاون، الصين هي أهم شريك اقتصادي لنا في آسيا“. وأكد أن الأمر يتعلق بالمنافسة “العادلة” في “المصلحة المشتركة”.
Meinl-Reisinger: أفعال ملموسة لقوة القانون
من جانبها، أشارت Meinl-Reisinger أيضاً إلى أن الأمم المتحدة تتعرض لضغط واضح. لكن وزيرة الخارجية أوضحت أن السبب لا يعود إلى الأمم المتحدة نفسها، وقالت: “أعضاء بارزون يدوسون على قيم وقواعد الأمم المتحدة القانونية”. وفي ظل الارتفاع الكبير في عدد الصراعات العنيفة في جميع أنحاء العالم، “والتي هي الأكبر منذ زمن طويل”، أعربت عن تفهمها لتساؤلات الكثيرين حول ما إذا كانت الأمم المتحدة مجرد “نادي ثرثرة دبلوماسي نخبوي ومنعزل”. وشددت على أن هذا يجعل من الأهمية بمكان أن تتبع الأقوال أفعال ملموسة.
لكنها أكدت أن النمسا ملتزمة بعالم تسود فيه “قوة القانون وليس قانون الأقوى”. وأشارت إلى أهمية الأمم المتحدة كمؤسسة لأن “لكل دولة، مهما كانت صغيرة، صوت فيها”.
صغر الحجم كحجة لمجلس الأمن
رأى كل من Van der Bellen وStocker وMeinl-Reisinger أن كون النمسا من “الدول غير الكبيرة” في العالم هو حجة قوية لدعم طلبها الحصول على مقعد غير دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للفترة ما بين عامي 2027 و 2028.
وقال Van der Bellen إن الشعار الذي اختير للترشح هو “الشراكة، الحوار، الثقة”، وهو يعكس القيم التي تمثلها النمسا في الأمم المتحدة. وأشار إلى أنه يشعر دائماً بتقدير كبير خلال الأسبوع رفيع المستوى: “نحن لسنا منبوذين هنا”.
وفي ختام المؤتمر الصحفي، التقى الرئيس الاتحادي والمستشار ووزيرة الخارجية بـالأمين العام للأمم المتحدة Antonio Guterres. ومن المرجح أن تكون ترشح النمسا لمجلس الأمن أحد مواضيع الاجتماع، خاصة وأن Guterres ينحدر من البرتغال. وتتنافس البرتغال، الواقعة في شبه الجزيرة الأيبيرية، أيضاً على مقعد في مجلس الأمن للفترة 2027/28، وهي المنافس الثالث إلى جانب ألمانيا على المقعدين المخصصين لهذه المجموعة في أعلى هيئة تابعة لـالأمم المتحدة.


