محاكمة نمساوية عائدة من سوريا بتهمة الانتماء إلى تنظيم “داعش”
فيينا – INFOGRAT:
مثلت النمساوية “إيفلين ت.”، العائدة من سوريا، اليوم الأربعاء أمام المحكمة الجنائية في فيينا، بتهم الانتماء إلى تنظيم إرهابي وتقديم دعم نفسي لتنظيم “داعش” (IS)، بعد أن عادت إلى البلاد برفقة ابنها في الأول من مارس الماضي، عقب نحو عشر سنوات من التحاقها بزوجها، أحد عناصر التنظيم، حيث تواجه احتمال الحكم عليها بالسجن لمدة تصل إلى خمس سنوات.
وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، وصلت إيفلين ت. Evelyn T.، البالغة من العمر 26 عاماً، إلى مطار فيينا-شفاشت (Wien-Schwechat) قادمة من سوريا، حيث كانت معتقلة مع ابنها في مخيم “الروج” al-Roj المخصص لنساء وأطفال مقاتلي التنظيم الإرهابي، بعدما سلمت نفسها طوعاً مع زوجها في نوفمبر 2017 إلى قوات المعارضة السورية المدعومة من الأكراد، والمعروفة بـ “الجيش السوري الحر” Free Syrian Army.
وأعلنت محاميتها آنا ماير Anna Mair، في تصريح لـ APA (وكالة الأنباء النمساوية)، أن موكلتها ستعترف بالتهم الموجهة إليها خلال الجلسة التي خصصت لها ثلاث ساعات في المحكمة الجنائية الإقليمية في فيينا Landesgericht für Strafsachen Wien، مؤكدة أن “إيفلين” كانت دائماً في القسم غير المتطرف من المخيم، خلافاً لحالات سابقة مثل ماريا غ. Maria G.، إحدى العائدات من سالزبورغ Salzburg.
وبحسب المحامية، فقد تقدّمت الأسرة بطلب حماية قنصلية من وزارة الخارجية النمساوية Außenministerium، ما مهّد الطريق لإعادتها وابنها إلى البلاد.
انضمت إلى “داعش” عندما كانت قاصراً
بدأت علاقة إيفلين ت. بالتنظيم عندما كانت تبلغ من العمر 16 عاماً، إذ تعرفت في فيينا عام 2015 على شاب أفغاني يدعى قيس ز. Qais Z.، الذي كان يعتنق فكر تنظيم “داعش” وتُظهر لائحة الاتهام أنها كانت في تلك المرحلة تُبدي تعاطفاً مع الفكر المتشدد.
عقدت قرانها على قيس وفق الشريعة الإسلامية، ثم سافر الزوج في أبريل من العام نفسه إلى سوريا، حيث انضم إلى التنظيم تحت الاسم الحركي “أبو لقمان الأفغاني Abu Luqman al-Afghani”. هناك، خضع لتدريب قتالي في الموصل Mosul بالعراق، قبل أن ينضم إلى “كتيبة المقاتلين الأجانب Bataillon der Fremden”، التي كانت تنشط في شمال سوريا، وفي سبتمبر 2015، تم نقله للقتال في الرمادي Ramadi.
محاولات متكررة للالتحاق بزوجها
أوضحت النيابة العامة أن المتهمة حاولت في أواخر أبريل 2015 اللحاق بزوجها عبر السفر إلى إسطنبول Istanbul، لكنها منعت من متابعة الرحلة وأُعيدت إلى فيينا، وفي يوليو من العام نفسه، استخدمت جواز سفر شقيقتها وسافرت مجدداً إلى إسطنبول، لكنها لم تتمكن من دخول سوريا، بعد أن أبلغها زوجها بنقله إلى العراق.
عادت إلى النمسا في 17 سبتمبر، حيث أوقفت لمدّة أسبوعين بعدما تبين للسلطات الأمنية محاولاتها المتكررة للالتحاق بالتنظيم، بعدها، استأنفت التواصل مع زوجها عبر تطبيقات المراسلة، والذي عاد بدوره إلى سوريا في مايو 2016، ليستقر في مدينة الرقة al-Raqqa، التي كانت تُعرف بـ “عاصمة داعش”.
دخلت سوريا بطريقة غير شرعية وأنجبت طفلاً في “الرقة”
بحسب لائحة الاتهام، تمكنت إيفلين من دخول سوريا في يونيو 2016، بعد رحلة بدأت بقطار إلى أثينا Athen، ثم بالحافلة إلى الحدود التركية، قبل أن تدخل الأراضي السورية بمساعدة مهربين Schleppern ضمن مجموعة من نحو 40 شخصاً كانوا في طريقهم للانضمام إلى “داعش”.
عند وصولها إلى الرقة، كان زوجها يتعافى من إصابة بالرصاص تلقاها خلال المعارك ضد قوات النظام السوري، وعاشت معه في شقة وفرتها لهم سلطات التنظيم. في 21 مايو 2017، أنجبت طفلهما.
الاستسلام والاعتقال والعودة إلى فيينا
في الأول من نوفمبر 2017، استسلمت إيفلين مع زوجها لقوات “الجيش السوري الحر”، بعد سلسلة من الهزائم التي مني بها التنظيم، ومنذ ذلك الوقت، وُضعت مع طفلها في مخيم “الروج” بسوريا، وعقب جهود قنصلية، أعيدت إلى النمسا في مارس 2025.
فور وصولها إلى مطار فيينا، أُوقفت بموجب أمر إلقاء قبض صادر عن النيابة العامة في فيينا Staatsanwaltschaft Wien، وأودعت الحبس الاحتياطي في المحكمة الجنائية في فيينا Landesgericht für Strafsachen Wien. طعنت محاميتها في قرار توقيفها، إلا أن محكمة الاستئناف العليا OLG Wien رفضت الطعن، مشيرة إلى وجود خطر من استمرار النشاط الإجرامي واحتمال الفرار.
تسعى للعودة إلى الحياة المدنية
أعلنت محاميتها خلال المحاكمة أن موكلتها مستعدة لتحمل المسؤولية الكاملة عن دعمها النفسي المزعوم للتنظيم، وتأمل في الحصول على محاكمة عادلة. وأضافت أن هناك خطة سكن جاهزة في حال الإفراج عنها، بالإضافة إلى إشراف من جمعية المساعدة في الاختبار “نويشتارت” Neustart.
وأكدت المحامية أن هدف “إيفلين” الرئيسي هو استعادة حضانة ابنها، الذي وُضع حالياً في رعاية دائرة رعاية الأطفال والشباب بمدينة فيينا MA 11 (Magistratsabteilung 11)، التي تولّت الوصاية المؤقتة عليه منذ الأول من مارس.
أما زوجها، فقد تم نقله إلى العراق بعد أسره، وتفيد المعلومات المتوفرة بأنه قد حُكم عليه بالإعدام بتهم تتعلق بانتمائه لتنظيم “داعش”.



