هل تستطيع النمسا الدفاع عن نفسها في حالة الحرب؟
فيينا – INFOGRAT:
في ظل استمرار الحرب في أوكرانيا منذ أكثر من ثلاث سنوات، حصلت روسيا مؤخرًا على دعم قوي من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مما أحدث اضطرابات داخل حلف الناتو، وإذا نشبت حرب، فستضطر النمسا، التي تتمسك بموقفها المحايد، إلى الدفاع عن نفسها، القائد العسكري غونتر هيسل (Gunther Hessel) يوضح تداعيات ذلك وما يعنيه من الناحية العسكرية.
وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، تشهد أوروبا حاليًا تناميًا في الوعي العسكري، حيث تواصل العديد من الدول تعزيز قدراتها الدفاعية، بما في ذلك جيران النمسا، حتى سويسرا المحايدة تعمل على تطوير بنيتها التحتية العسكرية، أما في فورارلبرغ (Vorarlberg)، فتتمثل الاستعدادات في تحسين بعض المرافق، مثل بناء حظيرة جديدة للطائرات المروحية في ثكنة فالغو (Walgau-Kaserne).
لكن يبقى السؤال: هل هذه الإجراءات كافية في حال تعرضت النمسا لهجوم؟ أم أن على الدول المجاورة التدخل لحمايتها، خاصة أن روسيا لن تتمكن من الوصول إليها مباشرة؟ الاعتماد على الجيران أصبح محل شك، خصوصًا في ظل موقف ترامب من التحالفات العسكرية، حيث أظهر عدم اكتراثه بحماية الحلفاء أو احترام حلف الناتو.
سيناريوهان محتملان للحرب في النمسا
من يمكنه مساعدة النمسا في حالة الحرب؟ هيسل يوضح أن هناك سيناريوهين رئيسيين قد يؤديان إلى تصعيد عسكري يصل إلى النمسا:
- السيناريو الأول: امتداد الحرب من حدود الاتحاد الأوروبي
- في هذا السيناريو، يبدأ النزاع عند الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي ثم يمتد تدريجيًا إلى داخل القارة، بما في ذلك النمسا.
- وفقًا لهيسل، إذا وصلت الحرب إلى النمسا، فهذا يعني أن الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو بالفعل في حالة حرب، وبالتالي، سيكون هناك دعم متبادل بين الدول الأعضاء.
- السيناريو الثاني (الأكثر احتمالًا): الحرب غير التقليدية والهجمات الهجينة
- يشير هيسل إلى أن التهديد الأكثر واقعية يأتي من الحروب الهجينة، حيث يمكن لجهة معادية للنمسا شن هجمات غير تقليدية لزعزعة استقرارها.
- تشمل هذه التهديدات الهجمات السيبرانية، نشر معلومات مضللة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، دعم الحركات المتطرفة، وأعمال إرهابية تهدف إلى إضعاف الاستقرار السياسي.
- يؤكد هيسل أن الجيش النمساوي يركز حاليًا على التصدي لهذا النوع من التهديدات، وأن لديه القدرة على التعامل معها.
هل الحياد العسكري كافٍ لحماية النمسا؟
تتمسك النمسا بسياسة الحياد العسكري، لكن هذا الحياد لا يوفر حماية تلقائية، يوضح هيسل أن الدفاع عن البلاد يعتمد على ثلاث ركائز رئيسية ضمن استراتيجية الدفاع الوطني الشامل:
- الدفاع العسكري: ويشمل تجهيز القوات المسلحة وتعزيز جاهزيتها.
- الدفاع الاقتصادي: عبر تأمين الإمدادات الحيوية ونقل الصناعات الأساسية إلى داخل البلاد.
- الدفاع المدني والفكري: وهو مسؤولية جميع المواطنين، حيث يُطلب منهم أن يكونوا يقظين لمنع أي انقسامات داخلية.
يشدد هيسل على ضرورة أن يشارك المواطنون في حماية استقرار النمسا، سواء من خلال الاستعداد العسكري أو عبر تعزيز التماسك الاجتماعي ومنع محاولات بث الفُرقة بين أفراد المجتمع.
إعادة تشكيل النظام العالمي وتأثيره على النمسا
يرى هيسل أن العالم يمر بمرحلة إعادة تنظيم عميقة للقوى الدولية، ويوضح أن ترامب يسعى إلى تطبيق شعار “أمريكا أولًا”، بينما يتبنى بوتين نهج “جعل روسيا عظيمة مرة أخرى”، مما يجعلهما في مواجهة مع الصين، التي تتبع استراتيجية طويلة الأمد لتوسيع نفوذها عالميًا.كما تلعب دول أخرى صاعدة مثل تركيا، الهند، جنوب إفريقيا، والبرازيل دورًا متزايدًا في إعادة تشكيل المشهد الجيوسياسي، ويتوقع هيسل أن تستغرق هذه التحولات سنوات أو حتى عقودًا قبل أن تستقر الأمور ضمن نظام عالمي جديد، حيث ستظل الموارد والمصالح الاقتصادية هي المحرك الأساسي للنزاعات بين الدول.



