النمسا تُجدد رفضها لإعادة اللاجئين من الحدود وتُلوّح بتصعيد أمني

أعلنت وزارة الداخلية النمساوية، الأربعاء، رفضها القاطع لقرار الحكومة الألمانية الجديدة القاضي بإعادة طالبي اللجوء مباشرة من الحدود، معتبرةً أن مثل هذه الإجراءات تشكل انتهاكًا للقوانين الأوروبية وتهدد بتفاقم الأوضاع الأمنية والإدارية في الدول المجاورة لألمانيا.

وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، يأتي هذا الموقف النمساوي عقب إعلان وزير الداخلية الألماني ألكسندر دوبريندت (Alexander Dobrindt)، بعد ساعات فقط من توليه منصبه، عن تغييرات جذرية في سياسة بلاده تجاه الهجرة، شملت التراجع عن التوجيه الشفهي الصادر عام 2015، والذي كان يسمح بدخول طالبي اللجوء القادمين من دول ثالثة حتى في حال عدم امتلاكهم وثائق إقامة قانونية.

وفي رد رسمي على ما وصفته فيينا بأنه قرار أحادي الجانب، صرّح المتحدث باسم وزارة الداخلية النمساوية لموقع “فوكس” الألماني قائلًا:

“نحن نفترض أن ألمانيا، في جميع الإجراءات التي تتخذها، ستلتزم بالقانون الأوروبي. أي خطوات تتعارض مع ذلك لن يتم قبولها.”

فيينا تراقب عن كثب وتستعد للتصعيد

وأضافت الوزارة أن السلطات النمساوية تتابع التطورات الجارية على الحدود الألمانية-النمساوية عن كثب، وستقوم “بتكييف إجراءات الشرطة باستمرار مع الوضع القائم”، وبحسب المصدر ذاته، فإن أي تغيّر في سلوك الجانب الألماني سيقابل بخطوات ميدانية مباشرة من قبل الشرطة النمساوية، في إشارة واضحة إلى احتمال تعزيز المراقبة أو نشر وحدات إضافية على الحدود.

هذا ويبدو أن النمسا تخشى أن يؤدي القرار الألماني إلى زيادة عدد المهاجرين الذين يُعادون من الحدود باتجاه أراضيها، مما قد يثقل كاهل النظام الوطني للجوء، الذي يعاني أساساً من ضغط متزايد، خصوصاً بعد موجات اللجوء الأخيرة عبر طريق البلقان.

القانون الأوروبي في صلب الخلاف

تستند النمسا في موقفها إلى القواعد القانونية الأوروبية، وخصوصًا اتفاقية دبلن التي تنص على ضرورة تسجيل طلبات اللجوء في الدولة الأوروبية الأولى التي يدخلها طالب اللجوء، ويؤكد المسؤولون في فيينا أن أي إعادة مباشرة لطالبي اللجوء من دون تقييم فردي لكل حالة تشكل انتهاكًا للإجراءات القانونية المنصوص عليها أوروبيًا.

ورغم تأكيد وزير الداخلية الألماني أن الإجراء الجديد لن يشمل النساء الحوامل أو الأطفال، إلا أن فيينا تعتبر أن المبدأ نفسه يُفقد الثقة بين الشركاء الأوروبيين ويهدد التضامن المطلوب في إدارة ملف الهجرة.

موقف نمساوي ثابت ضد الإجراءات الأحادية

وكانت الحكومة النمساوية قد عبّرت في مطلع مارس الماضي عن رفضها الصريح لأي تحركات ألمانية منفردة في ما يخص ملف اللاجئين. ويؤكد الموقف الجديد استمرار هذا النهج الحذر، لا سيما في ظل التحول السياسي الذي يشهده المشهد الألماني مع تشكيل حكومة جديدة بقيادة الحزب الديمقراطي المسيحي (CDU) وشريكه الحزب الاجتماعي المسيحي (CSU).

وقد تزامن الموقف النمساوي مع انتقادات أوروبية أخرى، أبرزها من بولندا التي حذّرت من تداعيات محتملة على حرية التنقل داخل منطقة الاتحاد الأوروبي، وكذلك من حزب الخضر الألماني وبعض الاقتصاديين الذين حذروا من تأثيرات القرار على سلاسل التوريد والأسواق الأوروبية.

في المقابل، تؤكد فيينا التزامها بالتعاون الأوروبي، لكنها تشدد على أن “أي مساس بالحدود المشتركة أو تحميل النمسا تبعات سياسة ألمانية داخلية لن يُقبل وسيُرد عليه بما يتناسب مع حجم التأثير”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى