بدء العمل بالتوقيت الصيفي في النمسا في 30 مارس وسط استمرار غياب الاتفاق الأوروبي على إلغائه

بدأت دول الاتحاد الأوروبي الاستعداد للانتقال إلى التوقيت الصيفي، حيث ستُقدَّم الساعات في ليلة الأحد، 30 مارس 2025، من الساعة 2:00 صباحًا إلى 3:00 صباحًا، ويأتي هذا التغيير السنوي في الوقت الذي لا تزال فيه الجهود المبذولة لإلغاء التوقيت الصيفي والشتوي في أوروبا متعثرة منذ سنوات، رغم مقترحات سابقة لإنهاء العمل بهذا النظام، فعلى الرغم من أن المفوضية الأوروبية اقترحت عام 2018 إلغاء تغيير التوقيت الموسمي، فإن عدم التوافق بين الدول الأعضاء حال دون تنفيذ هذا القرار حتى الآن، في ظل انشغال العواصم الأوروبية بأولويات أخرى.

وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، قدّمت المفوضية الأوروبية في عام 2018 اقتراحًا يقضي بإنهاء نظام تغيير التوقيتين الصيفي والشتوي، ومنح كل دولة عضو حرية اختيار توقيتها الدائم، سواء التوقيت الصيفي أو الشتوي، وقد جاء هذا الاقتراح استجابةً لمطالب شعبية، حيث أجرت المفوضية استفتاءً إلكترونيًا غير ملزم، شارك فيه 4.6 مليون مواطن أوروبي، أيدت الغالبية العظمى منهم (84%) إلغاء تغيير التوقيت، واختار معظمهم الاحتفاظ بالتوقيت الصيفي على مدار العام.

وفي مارس 2019، وافق البرلمان الأوروبي على هذا المقترح، ولكن القرار النهائي بقي رهين موافقة مجلس الاتحاد الأوروبي، حيث يتعين على غالبية الدول الأعضاء التصويت لصالحه من أجل تنفيذه، ورغم مرور سبع سنوات على طرح المقترح، لم يتم إدراجه في جدول أعمال المجلس منذ ديسمبر 2019، عندما ناقشته الدول الأعضاء للمرة الأخيرة خلال الرئاسة الفنلندية للاتحاد، ومنذ ذلك الحين، لم تبادر أي من الرئاسات الدورية اللاحقة للاتحاد، بما في ذلك الرئاسة الحالية لبولندا، إلى إعادة الموضوع إلى جدول المفاوضات.

مخاوف من فوضى زمنية بين الدول الأوروبية

رغم التأييد الشعبي لإلغاء تغيير التوقيت، فإن العديد من الحكومات الأوروبية أعربت عن مخاوف من أن يؤدي السماح لكل دولة بتحديد توقيتها الخاص إلى حدوث فوضى زمنية داخل القارة، ما قد يؤثر سلبًا على قطاعات مثل الاقتصاد، والنقل، والخدمات اللوجستية. ويرى الخبراء أن الحفاظ على منطقة زمنية موحدة في أوروبا هو أمر ضروري، خاصة في الدول ذات الارتباطات الاقتصادية القوية.

فعلى سبيل المثال، إذا قررت بعض الدول العمل بالتوقيت الصيفي الدائم، بينما فضّلت أخرى التوقيت الشتوي الدائم، فقد يؤدي ذلك إلى حدوث ارتباك في جداول الرحلات الجوية، وسلاسل التوريد، وحركة القطارات عبر الحدود، ويؤيد النمسا رسميًا خيار الاعتماد الدائم على التوقيت الصيفي باعتباره التوقيت الأساسي، إلا أن القرار النهائي لا يزال معلقًا حتى يتم حسمه على مستوى الاتحاد الأوروبي.

أصل التوقيت الصيفي: من أزمة النفط إلى جدل الطاقة

يعود تاريخ التوقيت الصيفي إلى أزمة النفط العالمية عام 1973، عندما قررت بعض الدول الأوروبية تقديم الساعات بهدف توفير الطاقة عبر الاستفادة بشكل أفضل من ضوء النهار، مما يساعد على تقليل استخدام الإضاءة الاصطناعية والتدفئة في المنازل وأماكن العمل، وكانت فرنسا أول من تبنى هذا النظام، قبل أن تلحق بها بقية دول أوروبا تدريجيًا.

أما النمسا، فلم تعتمد التوقيت الصيفي إلا في عام 1979، بسبب تحديات إدارية ورغبتها في تحقيق تنسيق زمني مع سويسرا وألمانيا، اللتين بدأتا استخدام التوقيت الصيفي في عام 1980. ومع ذلك، فإن فكرة التوقيت الصيفي ليست جديدة في أوروبا، حيث طُبِّق هذا النظام لأول مرة خلال الحرب العالمية الأولى، عندما فرضته الإمبراطورية النمساوية المجرية في الفترة من 1 مايو إلى 30 سبتمبر 1916، لكنه ألغي لاحقًا. كما تم تنفيذ تجربة أخرى بين 1940 و1948، لكنها لم تستمر.

الاتحاد الأوروبي أمام خيار صعب

بينما تواصل أوروبا تغيير توقيتها مرتين سنويًا، يظل مستقبل هذا النظام محل نقاش سياسي مستمر، في ظل انشغال الدول الأعضاء بأولويات أخرى، مثل الأزمات الاقتصادية، والسياسية، والأمنية. وعلى الرغم من مرور سنوات على مقترح الإلغاء، إلا أن غياب التوافق بين الدول الأعضاء يعطل أي تقدم نحو إنهاء تغيير التوقيت الموسمي، مما يعني أن الأوروبيين سيواصلون تقديم وتأخير ساعاتهم في المستقبل المنظور.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى