تصاعد التعليقات العنصرية ضد السوريين في النمسا بعد هجوم فيلاخ

فيينا – INFOGRAT:
في أعقاب الهجوم الإرهابي الذي يُعتقد أنه دُفِعَ بدوافع إسلاموية في مدينة فيلاش، والذي وقع يوم السبت وأسفر عن مقتل مراهق يبلغ من العمر 14 عامًا وإصابة خمسة آخرين، لوحظ انتشار مكثف لتعليقات كراهية وإهانات عنصرية ضد المجتمع السوري في النمسا على وسائل التواصل الاجتماعي، وقد انتقد عبد الحكيم الشاطر، رئيس جمعية “الجالية السورية الحرة”، هذه الظاهرة.
وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، أوضح الشاطر أن بعض الأشخاص بعد الهجوم دعوا إلى طرد “جميع السوريين إلى سوريا”، محذرًا من تحميل جميع السوريين مسؤولية الهجوم بسبب تصرف فردي. وقال في هذا السياق: “ليس جميع السوريين هكذا. الإرهاب لا ينتمي إلى دين معين، والإرهاب يضر بنا جميعًا”. وأكد أنه يجب عدم تعميم الأفعال الإرهابية على جميع السوريين، مشيرًا إلى أن العديد من السوريين قد فروا إلى النمسا هربًا من التطرف والإرهاب، حيث كان تنظيم “داعش” يقتل المسلمين في سوريا. كما أضاف الشاطر أن الشخص الذي أوقف المهاجم بسيارته، وهو أيضًا سوري، يوضح أن “ليس الجميع متشابهين”.
وفيما يتعلق بتزايد ظاهرة التطرّف بين الشباب، أشار الشاطر إلى عدة عوامل تساهم في هذه الظاهرة، وأوضح أنه من الضروري تشديد القوانين لمكافحة المحتويات المتطرفة المنتشرة على تطبيقات مثل تيك توك، وقال: “ليس فقط السوريين، بل حتى النمساويين يشاهدون هذه الفيديوهات”. كما أشار إلى أن اللاجئين لا يجب أن يُتركوا بمفردهم، وأنه ينبغي تسريع إجراءات اللجوء بشكل أكبر ومنح طالبي اللجوء فرصة للعمل في النمسا أثناء انتظارهم للقرار النهائي بشأن وضعهم.
كما تحدث الشاطر عن ضرورة توفير الدعم الاجتماعي والتعليمي للاجئين الشباب، مشيرًا إلى أن جمعية “الجماعة السورية الحرة” تنظم فعاليات مثل “مقاهي اللغة” للأشخاص الذين ينتظرون نتيجة إجراءات اللجوء. ومع ذلك، لفت الشاطر إلى أن عدد المشاركين في هذه الفعاليات قد انخفض بشكل ملحوظ بعد الإطاحة بنظام الأسد، ما أدى إلى تعليق النمسا إجراءات اللجوء.
وقال: “في البداية كان الناس متحمسين بعد تغيير النظام، لكن بعد ذلك جرى القول ‘عودوا إلى بلادكم’ هذا أمر لا إنساني” وأكد أن العديد من السوريين في النمسا يرغبون في العودة إلى وطنهم، لكن “فقط عندما يتحقق الأمان والحرية والديمقراطية”.
ودعا الشاطر إلى مزيد من الجهود لمكافحة الأيديولوجيا الإسلاموية المتطرفة، مشددًا على ضرورة تعزيز الأنشطة التي تروج للقيم الديمقراطية في المجتمع النمساوي، وأوضح أن “الهيئة الاسلامية” يجب أن تلعب دورًا أكبر في تنظيم فعاليات تثقيفية تهدف إلى توعية الشباب بأضرار الأيديولوجيات المتطرفة، موضحًا أن مثل هذه الأفعال تضر بالجميع، بما في ذلك المسلمين، كما ذكر أن جمعيته تسعى إلى تطوير مجتمع ديمقراطي وعلماني في سوريا، مشيرًا إلى أن الدين ليس عقبة في هذا الإطار.
وفيما يتعلق بتفاصيل الهجوم، أفادت السلطات النمساوية أن المهاجم، وهو شاب سوري كردي يبلغ من العمر 23 عامًا، تأثر بمحتويات متطرفة على منصة تيك توك، وبعد الهجوم، تم فرض الحبس الاحتياطي على المهاجم، الذي يعتقد أنه تصرف بناءً على تأثير هذه المحتويات التي تعرض لها على الإنترنت.
وفي السياق نفسه، تم التأكيد على دور وسائل التواصل الاجتماعي في تعزيز التطرّف، حيث اعتبر عدد من الخبراء أن الشبكات الاجتماعية مثل تيك توك، وإنستغرام، وديسكورد، وستيم، ومواقع مثل 4شان تساهم في نشر محتويات متطرفة بسهولة، مما يساهم في التأثير على الشباب.
وقال عالم السياسة النمساوي توماس شميدينغر في هذا الصدد: “المنصات مثل تيك توك لا تتخذ إجراءات كافية لمكافحة المحتويات المتطرفة”، مشيرًا إلى أن هذه التطبيقات تستخدم خوارزميات تعلم التعرف على الفيديوهات التي يطيل المستخدمون مشاهدتها.
تجدر الإشارة إلى أن الاتحاد الأوروبي قد أقر في 7 يونيو 2022، لائحة تلزم منصات الإنترنت بحذف المحتويات الإرهابية في غضون ساعة من تحديدها، ويحق للسلطات الوطنية طلب إزالة هذه المحتويات. وبالرغم من هذه اللوائح، لا تزال محتويات متطرفة تُنشر بشكل مستمر، وكان يُعتقد أن استهلاك المهاجم للمحتويات المتطرفة على تيك توك كان له دور في تحفيزه على تنفيذ الهجوم.
كما أضاف الباحث في الإسلام السياسي، فرديناند هابرل، في تصريح رسمي أن الجماعات الإسلامية المتطرفة تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي بشكل متزايد للوصول إلى جمهور أوسع عبر الحدود الوطنية، مشيرًا إلى أن هذه الجماعات تستهدف بالدرجة الأولى الشباب، وتعرضهم لفكر متطرف يمكن أن يؤدي إلى التطرّف. وأكد أن “المحتويات المتطرفة قد تكون متاحة في أي مكان عبر الإنترنت، وهي موجهة بشكل خاص للشباب باستخدام لغة وصور مألوفة لهم”.
من جانبه، أكد الباحثة في شؤون الإرهاب دانييلا بيسوي، في مقابلة مع برنامج “مورنغ جورنال” أن الأزمات العالمية مثل جائحة كورونا والحروب في أوكرانيا وغزة يمكن أن تساهم في تعزيز التطرّف، حيث يتم استغلال هذه الأزمات من قبل الجماعات المتطرفة لتحقيق أهدافها، لا سيما في محاولة لتقويض الثقة في الحكومات الغربية.