لغة الامتنان.. بقلم: لينا جرّار

فيينا – INFOGRAT:
منذ أن تعرفتُ على صديقتي النمساوية، بدأت أفهم كيف يمكن لروح الامتنان أن تُحوّل اللقاء العابر إلى صداقة عميقة.
لم يكن بيننا شيء مشترك في البداية سوى الفضول المتبادل، والرغبة في الفهم. لكنها سرعان ما أصبحت واحدة من أقرب الأشخاص إلى قلبي، بدفئها، بدعمها، وبإصرارها على أن تذكرني دائمًا أنني امرأة قوية، تجاوزت الكثير، وسأتجاوز كل ما هو قادم.

في كلّ مرة أحاول فيها التعبير عن امتناني، تسبقني بابتسامة حنونة وتقول:
“أنا فقط فعلت ما كنتِ ستفعلينه لو كنتِ مكاني… ثم لا تنسي، أنتِ من بدأ هذا حين دعوتِني أنا وابنتي لتذوق أطباقكِ الشهية.”
الامتنان هنا لم يكن مجرد كلمة، بل سلوكًا متبادلًا يُعيد للإنسان ثقته في الخير.
حديثنا اليوم كان مليئًا بالضحك، خاصة حين قلت لها بلهجتي الألمانية المتواضعة: Frohe Östern، حيث قدّمت لي هدية جميلة صنعتها بيدها من رموز العيد.
ضحكنا طويلًا، وهي تصحّح لي نطق “Ö”، وتُشجعني قائلة إنني أحرزت تقدمًا ملحوظًا، رغم أن وجودي هنا لم يتجاوز تسعة أشهر.
الامتنان هو الخير الكامن في أرواحنا، يوقظ أجمل ما فينا، ويزرع فينا قدرة على التواصل الحقيقي دون شروط.
فلا تنثر سوى الورود في طريق فُتحت لك من خلاله الأبواب، وطُويت به المسافات المنهكة.
في صداقتنا، وجدت درسًا بسيطًا وعميقًا: الامتنان يفتح الأبواب التي لا تفتحها اللغة ولا تُغلقها المسافات.