الحكومة النمساوية تتفق على خارطة طريق الميزانية وتتخذ إجراءات جديدة في الاقتصاد والتعليم

اتفقت الحكومة النمساوية على خارطة طريق للميزانية، حيث ستبدأ وزارة المالية في الأيام المقبلة مفاوضاتها مع الوزارات المختلفة، وفقًا لما أعلنته وزيرة الدولة ميكايلا شميدت (SPÖ) يوم الأربعاء خلال المؤتمر الصحفي الذي أعقب اجتماع مجلس الوزراء. كما تم الإعلان عن إجراءات لدعم الاقتصاد، بالإضافة إلى إدخال حظر استخدام الهواتف المحمولة في المدارس حتى الصف الثامن وإنشاء فصول توجيهية على مستوى البلاد.

وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، من المقرر أن تستمر محادثات الميزانية حتى أبريل، بينما ستُلقى كلمة وزير المالية ماركوس مارتر باور (SPÖ) في المجلس الوطني في 13 مايو، على أن يكتمل المسار البرلماني لإقرار الميزانية بحلول 1 يوليو.

ووصفت شميدت العملية بأنها “لن تكون سهلة على أحد”، في ظل الحاجة إلى تقليص الإنفاق الحكومي. يُدعم مارتر باور في هذه المهمة من قبل وزيرة الدولة باربرا إيبيجر-ميدل (ÖVP) والوزير المسؤول عن إزالة القيود التنظيمية جوزيف شيلهورن (NEOS). وتتعرض الحكومة لضغوط هائلة بسبب ارتفاع الديون، وتسعى لتجنب إجراءات عجز الميزانية التي قد تفرضها الاتحاد الأوروبي.

رحب حزب الخضر بخطة الميزانية، لكنه اعتبر أن تقديمها في 13 مايو له علاقة بالانتخابات البلدية في فيينا المقررة في نهاية أبريل، متهمًا الحكومة بمحاولة إخفاء تفاصيل حزمة التخفيضات قبل الانتخابات.

إستراتيجية لدعم الاقتصاد والصناعة

قبل اجتماع مجلس الوزراء، أعلن قادة الأحزاب الثلاثة في الحكومة: المستشار كريستيان شتوكر (ÖVP)، ونائب المستشار أندرياس بابلر (SPÖ)، ووزيرة الخارجية بياته مينل-ريزينجر (NEOS)، عن حزمة تدابير لدعم الاقتصاد، تتضمن إعداد استراتيجية للصناعة وسوق العمل، تم الاتفاق عليها خلال خلوة حكومية يوم الثلاثاء.

كما سيتم تسهيل إجراءات التصاريح لتسريع تطوير الطاقات المتجددة والبنية التحتية اللازمة، مع تبسيط الإطار القانوني في قوانين الطاقة، والإجراءات الإدارية العامة (AVG)، وقانون التجارة. كذلك، سيتم رفع الحد الأدنى للمشتريات العامة من 100,000 يورو إلى 143,000 يورو، في إطار تعديل قانوني يتماشى مع تشريعات الاتحاد الأوروبي.

تحفيز قطاع البناء ودعم الشركات

تسعى الحكومة إلى تحفيز قطاع البناء عبر تبسيط وتسريع إجراءات البناء، وإعادة تخصيص أموال دعم الإسكان بالتعاون مع الولايات الفيدرالية، بالإضافة إلى تعديلات على تمويل الإسكان. كما سيتم تصميم مساعدات الشركات لضمان أقصى تأثير اقتصادي بأكبر قدر من الكفاءة في استخدام الميزانية، مع تعزيز الضمانات والقروض الميسرة كأدوات لدعم الاستثمار.

غرفة الاقتصاد النمساوية (WKO) رحبت بهذه الإجراءات، مؤكدةً أن النمسا بحاجة إلى “حزمة نهوض شاملة” بعد عامين من الركود وخطر الدخول في سنة ثالثة من التراجع الاقتصادي. كما أبدت اتحادات الصناعة والنقابات العمالية تأييدها لهذه الاستراتيجية.

حظر الهواتف المحمولة في المدارس

وافق مجلس الوزراء يوم الأربعاء على حظر استخدام الهواتف المحمولة حتى الصف الثامن، ما يجعل المدارس الابتدائية والإعدادية، والمدارس الخاصة وأقسام المرحلة المتوسطة في المدارس الثانوية “مناطق خالية من الهواتف” اعتبارًا من 1 مايو.

ورغم الحظر العام، يمكن للمدارس تحديد استثناءات لاستخدام الهواتف في الأغراض التعليمية. كما سيتم تعزيز تعليم المهارات الرقمية في المناهج، وفقًا لما أعلنه وزير التعليم كريستوف فيدركير (NEOS) بعد اجتماع مجلس الوزراء.

وصف فيدركير الهواتف المحمولة بأنها “قاتلة للتركيز”، مؤكدًا أن الهدف من الحظر هو جعل المدارس “بيئة للتركيز، والأداء، والأمان”، حيث تؤدي الأجهزة الذكية إلى الإلهاء وزيادة النزاعات بين الطلاب.

تنفيذ الحظر وإجراءات استثنائية

ستقرر كل مدرسة على حدة آلية تطبيق الحظر وكيفية تخزين الهواتف خلال اليوم الدراسي. كما سيتم السماح باستثناءات صحية للطلاب الذين يحتاجون إلى الهواتف لأسباب طبية.

رحبت وزيرة الأسرة كلوديا بلاكولم (ÖVP) بالإجراء، رغم أنها كانت ضده سابقًا عندما كانت وزيرة دولة للشؤون الرقمية، معتبرةً أنه سيساهم في تحسين بيئة التعلم لكل من الطلاب والمعلمين.

بالتزامن مع الحظر، سيتم تعزيز تعليم المهارات الرقمية، حيث سيتم تطوير مادة “التعليم الرقمي الأساسي”، وتوفير المزيد من الدورات التدريبية للمعلمين، وضمان معايير أمان عالية للأجهزة الإلكترونية المخصصة للطلاب ضمن مبادرة “التعلم الرقمي”. كما سيتم توحيد معايير الأمن السيبراني في المدارس.

إدخال الفصول التوجيهية على مستوى البلاد

أقرت الحكومة أيضًا إدخال “فصول التوجيه” في جميع أنحاء النمسا، وهي نموذج موجود بالفعل في فيينا وفورارلبرغ. تهدف هذه الفصول إلى إعداد الأطفال واليافعين الوافدين إلى النمسا عبر لمّ الشمل الأسري قبل إدماجهم في النظام المدرسي العادي.

سيتلقى الطلاب في هذه الفصول دروسًا مكثفة في اللغة الألمانية، إلى جانب المهارات الأساسية للاندماج في المدارس. وبعد فترة قد تصل إلى فصل دراسي كامل، سيتم تحديد ما إذا كان الطالب سينتقل إلى صف دراسي عادي أو فصل لدعم تعلم اللغة الألمانية، بناءً على تقييم فردي.

ردود الفعل السياسية

انتقد حزب الحرية النمساوي (FPÖ) الفصول التوجيهية، واصفًا إياها بأنها “مجرد معالجة للأعراض”، معتبرًا أن الحل الأمثل هو “وقف لمّ الشمل العائلي والهجرة الجماعية غير القانونية”، وفقًا لما قاله الأمين العام للحزب مايكل شنيدليتز في بيان صحفي.

على النقيض، رحبت المتحدثة باسم التعليم والاندماج في حزب الخضر، سيجريد ماورر، بهذه الخطوة، ووصفتها بأنها “إجراءً ضروريًا لدعم الطلاب الجدد ومساعدتهم على التأقلم مع النظام التعليمي النمساوي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى