تحقيقات تكشف رفض 79٪ من طلبات دعم المصابين بمتلازمة ما بعد كوفيد من قبل التأمين النمساوي

كشفت تحقيقات صحفية مشتركة أجرتها هيئة الإذاعة النمساوية ORF، ومنصة Dossier، ووكالة الأنباء النمساوية APA، عن وجود اختلالات جسيمة في تعامل هيئة التأمينات التقاعدية (Pensionsversicherungsanstalt – PVA) مع طلبات المرضى المصابين بمتلازمة التعب المزمن (Myalgische Enzephalomyelitis/Chronisches Fatigue-Syndrom – ME/CFS)، والذين يسعون للحصول على مخصصات الرعاية أو معاشات العجز عن العمل، ووفقاً للبيانات المتوفرة، فإن احتمالات حصول المتضررين على هذه المساعدات تكاد تكون منعدمة، رغم تأكيد تشخيصهم طبياً.

وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، ووفقاً لأحدث التقديرات الصادرة عن المركز الوطني المرجعي للمتلازمات الفيروسية ما بعد العدوى في النمسا، يعاني ما لا يقل عن 74.000 شخص في البلاد من هذا المرض المزمن، ومن بين هؤلاء، يُقدر عدد الحالات الشديدة – التي تعجز حتى عن مغادرة الفراش – بنحو 15.000 شخص.

إقصاء للتشخيصات المعترف بها علمياً في تقارير التقييم الطبي

رغم امتلاك جميع الأشخاص الذين شملهم التحقيق لتشخيص طبي رسمي بمرض ME/CFS أو متلازمة ما بعد كوفيد (Post-Covid-Syndrom)، وهي حالة تتشابه كثيراً من حيث الأعراض والمعايير التشخيصية مع ME/CFS، إلا أن أكثر من نصف تقارير التقييم الطبي الصادرة بتكليف من PVA تجاهلت تماماً هذه التشخيصات عند تقييم حاجة المرضى إلى الرعاية أو مدى قدرتهم على العمل.

اتهامات مبطّنة بالتضخيم أو التمثيل في تقارير رسمية

في نحو ثلث التقارير، وُجهت للمرضى اتهامات ضمنية بـ”المبالغة” أو حتى “التمثيل”، حيث فسرت كثافة الشكاوى الجسدية بأنها دليل على عدم المصداقية. وقد وصف أحد الأطباء تقارير ثلاثة مرضى بعبارات شبه متطابقة مثل “مطولة” و”درامية”، ليخلص بعدها إلى أنهم قادرون على العمل ولا يحتاجون إلى رعاية.

تجاهل للمعايير التشخيصية الدولية المعترف بها

لم يتم في هذه التقارير ذِكر المعايير التشخيصية المعترف بها دولياً والمعتمدة في النمسا، مثل المعايير الكندية التوافقية (kanadische Konsenskriterien) الخاصة بمرض ME/CFS. كما أغفلت غالبية التقارير أحد أهم السمات المميزة للمرض، وهي الانهيار التالي للمجهود (Post-Exertional Malaise – PEM). وعلّق الطبيب المختص في الأمراض الباطنية كريستوف بامر (Christoph Bammer) قائلاً إن محاولة تقييم ME/CFS من دون أخذ PEM في الاعتبار يعادل “تشخيص كسر في عنق الفخذ دون وجود فخذ”.

تشخيصات نفسية بديلة تُبعد المرضى عن حقوقهم

بدلاً من الاعتراف بـ ME/CFS أو متلازمة ما بعد كوفيد، منحت التقارير في 50 حالة تشخيصات نفسية بديلة، من بينها اضطراب الجسدنة (Somatisierungsstörung) والوهن العصبي (Neurasthenie)، وهي تشخيصات تعتبر، بحسب الخبير النفسي ماركوس غوله (Markus Gole), قديمة ومثيرة للجدل. وأوضح غوله أن تشخيص الوهن العصبي هو بمثابة “تشخيص الارتباك”، يُستخدم عندما لا يعرف الطبيب ما هو المرض الفعلي. أما اضطراب الجسدنة، فيجب، بحسبه، ألا يُشخص إلا بعد استبعاد جميع الأمراض الجسدية الأخرى، بما فيها ME/CFS ومتلازمة ما بعد كوفيد.

رد PVA: نلتزم بالقانون ولا نحدد الحقوق بناءً على التشخيص وحده

وعند مواجهة هيئة التأمينات التقاعدية بالنتائج التي توصل إليها التحقيق، امتنعت الهيئة عن تقديم إجابات تفصيلية، واكتفت بالإشارة إلى أن جميع التقييمات تُجرى وفقاً للنصوص القانونية. وأضافت أن منح المساعدات لا يتم بناءً على التشخيص وحده، بل استناداً إلى “القيود الوظيفية القابلة للقياس موضوعياً”. كما أكدت أن خبراء التقييم يخضعون لـ”تحديث مستمر في المعارف العلمية”. لكنها لم توضح سبب إصدار تشخيصات نفسية تعتبرها بعض الجهات “قديمة”، أو سبب تجاهل المعايير التشخيصية الحديثة لـ ME/CFS ومتلازمة ما بعد كوفيد.

نتائج التقييم: الغالبية العظمى من الطلبات مرفوضة

قام فريق التحقيق بتحليل 124 تقرير تقييم طبي أو نفسي تم إعدادها بتكليف من PVA. وأظهرت النتائج أن 83٪ من هذه التقارير قررت أن أصحابها “قادرون على العمل”، بما في ذلك أولئك الذين أفادوا بأنهم لا يستطيعون مغادرة المنزل أو السرير. وفي 87٪ من الحالات، لم يُعترف بوجود حاجة للرعاية. وكنتيجة لذلك، انتهت 79٪ من الإجراءات بقرارات سلبية، حُرم خلالها المرضى من الحصول على المعاشات التقاعدية، حتى المؤقتة منها مثل Rehageld، كما لم يحصلوا على مخصصات الرعاية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى