تقارب سياسي في النمسا: إشارات إيجابية بين حزب الشعب والاشتراكي الديمقراطي

شهد نهاية الأسبوع محاولات جديدة بين حزب الشعب النمساوي (ÖVP) والحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPÖ) لاستكشاف إمكانية تشكيل حكومة جديدة بعيدًا عن الأضواء الإعلامية. في هذا السياق، أبدى حاكم ولاية فورارلبرغ، ماركوس فالنر (ÖVP)، موقفًا أكثر ليونة تجاه الحزب الاشتراكي الديمقراطي عبر وسائل الإعلام. وقال فالنر في تصريح لصحيفة Vorarlberger Nachrichten (VN): “الحزب الاشتراكي الديمقراطي يقبل بأسس إعادة هيكلة الميزانية، ونحن نقبل بضريبة البنوك”.

وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، في تصريحاته، أكد فالنر أنه لا يرى سببًا يمنع التوصل إلى اتفاق بشأن ضريبة البنوك، لكنه شدد على أن شكل هذه الضريبة هو العنصر الحاسم، وأوضح أن تكاليفها يجب ألا يتم تحميلها على العملاء، بل يجب توجيه العائدات إلى تمويل الإسكان أو الطاقة.

وتُعد ضريبة البنوك إحدى النقاط الخلافية التي أدت إلى فشل مفاوضات التحالف الثلاثي بين ÖVP وSPÖ وNEOS في المحاولة الأولى، حيث أصر SPÖ على ضرورة مساهمة البنوك في إصلاح الميزانية. ومع ذلك، أشار زعيم SPÖ، أندرياس بابلر، في مقابلة مع ORF إلى أن الحزب قد تخلى عن هذا المطلب في المراحل الأخيرة من المفاوضات.

شروط حزب الشعب النمساوي (ÖVP)

رغم موقف فالنر الإيجابي تجاه ضريبة البنوك، فإن موافقة ÖVP على إقرارها ستأتي فقط في حال قبول SPÖ بالإجراءات التقشفية التي تم تقديمها مسبقًا إلى الاتحاد الأوروبي، إلى جانب ذلك، طالب الحزب أيضًا بوضع أولويات اقتصادية واضحة وتنفيذ سياسة هجرة صارمة، وقال فالنر: “يجب أن تتراجع المصالح الحزبية لصالح مصلحة الدولة، لا يمكننا تحمل حالة الجمود السياسي”.

ترحيب من الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPÖ)

أعرب حاكم ولاية كيرنتن، بيتر كايزر (SPÖ)، عن دعمه لموقف ÖVP، حيث قال في تصريح لإذاعة Ö1 يوم السبت إن تبني خطة الميزانية المقدمة إلى الاتحاد الأوروبي وإدراج مساهمة البنوك فيها يمثل خطوة إيجابية. وشدد على أن التعاون المستقبلي يتطلب “استعدادًا لمراجعة المواقف الراسخة”، وهو أمر مطلوب من جميع الأطراف.

وأضاف كايزر أن اعتماد خطة الميزانية للعام الأول، التي قُدمت من قبل ÖVP وFPÖ إلى بروكسل، قد يكون ممكنًا إلى حد كبير، مع إمكانية إجراء “تعديلات سريعة” في بعض الأجزاء. وأكد أنه على المدى الطويل، لا بد من “التعاون المستقبلي بشكل استراتيجي”.

انتقادات من داخل الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPÖ) لقيادة ÖVP

من جانبه، أعاد زعيم SPÖ في تيرول، فيليب فولغيموث، التأكيد على استعداد الحزب لتولي الحكم، حيث قال على هامش مؤتمر حزبي في Rum: “يدنا ممدودة”، لكنه رفض تحديد ما إذا كان يفضل تحالفًا ثنائيًا مع ÖVP أو ثلاثيًا مع NEOS. وأكد على ضرورة التفاوض بهدوء قبل اتخاذ أي قرارات.

ومع ذلك، انتقد فولغيموث تصريحات زعيم ÖVP المؤقت، كريستيان شتوكر، قائلًا: “إذا كان يقول إن الجميع في النمسا في قارب واحد أثناء الأزمات، فهو مخطئ. العمال المسرّحون من kika/Leiner ليسوا في نفس القارب مع رينيه بينكو، الذي عاش حياة البذخ حتى النهاية. هذا عار على الجمهورية. نحن سنقاتل من أجل العدالة”.

إشارات أخرى للتقارب من قبل قيادات ÖVP

في وقت سابق، أبدى حاكم ولاية النمسا العليا، توماس شتيلتسر (ÖVP)، انفتاحًا تجاه SPÖ، مشيرًا إلى أن الحزب مستعد “لتجاوز ظلّه الأيديولوجي” من أجل إيجاد حلول عملية. وأضاف: “نأمل أن يكون الوقت قد حان الآن لتشكيل حكومة”.

أما حاكم ولاية تيرول، أنطون ماتله (ÖVP)، فقد أكد مجددًا في مقابلة مع Tiroler Tageszeitung أنه يدعم تشكيل تحالف ثلاثي يضم ÖVP وSPÖ وNEOS. وقال: “أنا مقتنع بأن التوصل إلى اتفاق سريع بشأن تحالف وسطي بقيادة حزب الشعب النمساوي أمر ممكن”.

وبشأن مشاركة زعيم SPÖ، أندرياس بابلر، في الحكومة، تراجع ماتله قليلًا عن موقفه السابق، مؤكدًا أن انسحاب بابلر من فريق التفاوض ليس شرطًا، بل مجرد “توصية واضحة”.

مواقف NEOS والخضر

من جانبهم، يراقب كل من حزب NEOS والخضر التطورات بحذر. وتشير التوقعات إلى أن ÖVP وSPÖ يسعيان إلى تشكيل تحالف ثنائي، مع إقامة شراكات موضوعية مع NEOS وربما مع الخضر لتأمين الأغلبية البرلمانية الهشة بفارق مقعد واحد فقط، وسيكون اختبار هذه الأغلبية عند التصويت على الميزانية، حيث يُحتمل أن يتم تقديم ميزانية مزدوجة.

وأكد حزب NEOS يوم الجمعة أنه ليس لديه خطط واضحة للأيام المقبلة، منتظرًا قرارات الرئيس الاتحادي، ومع ذلك، أشار إلى أنه لا يزال يجري محادثات غير رسمية مع الأحزاب الأخرى، أما حزب الخضر، فقد أكد أنه ينتظر أولًا ما إذا كان سيتم التوصل إلى اتفاق بين ÖVP وSPÖ قبل أن يحدد موقفه.

انتقادات من حزب الحرية النمساوي (FPÖ)

أما مستقبل مشاركة FPÖ في أي تحالف حكومي، فلا يزال غير واضح. واختار زعيم الحزب، هربرت كيكل، منصة Facebook لانتقاد العرض الأخير لحزب ÖVP بشأن توزيع الوزارات، وكتب كيكل: “هذا العرض يظهر بوضوح أن ÖVP كان يفاوضنا شكليًا فقط، بينما كان ينسّق بالفعل مع أحزاب أخرى في الخلفية. أصبح من الواضح الآن مدى سخافة نهج ÖVP في التفاوض وما الذي يسعون إليه حقًا”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى