تكرار حوادث قتل الأطفال في فيينا يثير النقاش حول قبول الأمهات للمساعدات النفسية

في حادثتين منفصلتين هزّتا العاصمة النمساوية فيينا خلال أيام قليلة، لقي طفلان مصرعهما، أحدهما يبلغ من العمر أربع سنوات يوم الأحد، والآخر طفل حديث الولادة يوم الاثنين، وفي كلا الحادثتين، يُشتبه أن الأمهات هنّ من ارتكبن الجريمة. 

وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، رغم وجود العديد من المساعدات والبرامج الوقائية التي تهدف إلى حماية الأطفال ودعم الأمهات نفسيًا، أكدت الطبيبة النفسية كلوديا كليير، المتخصصة في دراسة ظاهرة قتل الأطفال، أن المشكلة تكمن في عدم قبول الأمهات لهذه المساعدات أو عدم لجوئهن إليها في الوقت المناسب.

ظاهرة مؤلمة وضرورة العمل على الوقاية
وصفت كليير هذه الحوادث بأنها مؤلمة ومفجعة، مؤكدة أن تكرارها يشير إلى فجوة بين توافر المساعدات واستفادة الأمهات منها. وأوضحت أن العديد من هذه الحوادث يمكن الوقاية منها، خصوصًا مع إدراك العوامل النفسية التي تسهم في تفاقم الوضع لدى الأمهات. وأشارت إلى أن النساء اللواتي يعانين من اضطرابات نفسية سابقة يواجهن خطرًا أعلى للإصابة بمشكلات نفسية بعد الولادة، وهو ما يزيد من احتمالية حدوث مثل هذه المآسي.

وأضافت كليير أن فيينا تقدم خدمات نفسية متميزة من خلال عيادات مختصة تُعرف بـ”عيادات الطب النفسي المحيطة بفترة الولادة”، حيث تُقدم الدعم للنساء أثناء فترة الحمل وتستمر في رعايتهن بعد الولادة، وهذه العيادات تُعنى بالتدخل المبكر لمساعدة الأمهات اللواتي يواجهن مشكلات نفسية، بهدف منع تطور الأزمات إلى حالات خطيرة.

التوعية والتثقيف بالصحة النفسية للأمهات
إلى جانب المساعدات المتوفرة، أكدت كليير أن التوعية هي مفتاح الوقاية، مشددة على أهمية تعزيز المعرفة العامة بين الأمهات والنساء حول الصحة النفسية، وخاصة تلك المرتبطة بفترة ما بعد الولادة. وأوضحت أن ما يُعرف بمفهوم “التثقيف بالصحة النفسية” يساعد النساء على التعرف على المشكلات التي قد تواجههن بعد الولادة، مثل الاكتئاب أو اضطرابات القلق.

وذكرت كليير أن الأمهات بحاجة إلى أن يدركن أن الشعور بالسوء في بعض الأحيان ليس أمرًا غير طبيعي، وأن هناك مساعدة متوفرة سواء من خلال المراكز المتخصصة أو عبر الإنترنت. وشددت على أن التعليم والتوعية يمكن أن يكون لهما تأثير كبير في منع المآسي، مثلما أحرزت العلوم الطبية تقدمًا كبيرًا في الوقاية من أمراض القلب والجلطات الدماغية، وهو ما يجب أن يكون نموذجًا يُحتذى به في التعامل مع المشكلات النفسية.

دعوة لتحسين الوقاية وتعزيز الخدمات
اختتمت كليير حديثها بدعوة إلى تعزيز الجهود في مجال الوقاية من الاضطرابات النفسية المرتبطة بفترة ما بعد الولادة، مؤكدة أن حوادث قتل الأطفال، رغم ندرتها، تتطلب تدخلات أكثر فعالية. وأكدت أن التركيز على الوقاية وتقديم الدعم النفسي هو الحل لتحقيق مستقبل أفضل وحماية حياة الأطفال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى