“تيك توك” والتطرف السريع.. منفذ هجوم فيلاخ تابع محتوى متشدد على المنصة

فيينا – INFOGRAT:
أكد وزير الداخلية النمساوي غيرهارد كارنر (ÖVP)، خلال مؤتمر صحفي يوم الأحد، أن الهجوم بالسلاح الأبيض الذي وقع يوم السبت في مدينة فيلاخ وأسفر عن مقتل فتى يبلغ من العمر 14 عامًا وإصابة خمسة آخرين، كان هجومًا إرهابيًا ذو دوافع إسلاموية. وأوضح المحققون أن الجاني، وهو لاجئ سوري يبلغ من العمر 23 عامًا، قد تطرف بسرعة عبر الإنترنت خلال بضعة أسابيع.
وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، وفقًا لمصادر من هيئة حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية)، فإن المتهم تبنى أفكارًا متطرفة عبر منصة “تيك توك” وكان من متابعي أحد المؤثرين المتشددين. واعتبر خبير الإرهاب بيتر نويمان أن هذه الحالة تمثل “نموذجًا جديدًا” من الإرهابيين الإسلامويين، حيث أصبح الإنترنت المحرك الرئيسي في عملية التطرف.
وفي أعقاب الهجوم، انتشرت صورة للمشتبه به بعد اعتقاله، حيث يظهر فيها وهو يرفع إصبعه السبابة اليمنى، وهو ما يعرف بـ إشارة التوحيد التي تُستخدم كتحية إسلاموية متشددة. كما ذكرت مديرة شرطة ولاية كيرنتن، ميكائيلا كولفايس، أن الجاني كان مستعدًا لمواجهة الموت برصاص الشرطة.
دعوات لمراجعة أمنية شاملة
أكد وزير الداخلية كارنر أن الجاني لم يكن مدرجًا ضمن قوائم المتطرفين قبل الحادث، مشددًا على ضرورة اتخاذ تدابير حازمة لمنع وقوع هجمات مماثلة. وأعلن عن خطط لإجراء “مراجعات أمنية عشوائية” تستهدف فئات محددة، من بينها اللاجئون السوريون والأفغان، لضمان عدم وجود تهديدات خفية. كما شدد على أن وكالة حماية الدستور تحتاج إلى صلاحيات إضافية للتدخل قبل وقوع الهجمات.
من جانبه، أعرب حاكم ولاية كيرنتن، بيتر كايزر (SPÖ)، عن دعمه لخطط كارنر، مشيرًا إلى أن هناك حاجة إلى إجراءات وقائية لمنع تكرار مثل هذه الهجمات.
في المقابل، انتقد زعيم حزب الحرية النمساوي (FPÖ)، هربرت كيكل، هذه الخطوة، معتبرًا أنها تمهد لمزيد من الرقابة وتُشكل خطرًا على الحريات المدنية. ووصف المراقبة الجماعية بأنها غير مجدية، مشيرًا إلى أنها “تتجاوز المشكلة الحقيقية”.
تصاعد الجدل السياسي في ظل أزمة تشكيل الحكومة
يأتي هذا الجدل في وقت حاسم بالنسبة للسياسة النمساوية، حيث لا تزال مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة متعثرة بعد فشل التحالف بين حزبي FPÖ وÖVP. ودعت حاكمة ولاية النمسا السفلى، يوهانا ميكل-لايتنر (ÖVP)، إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد “الرافضين للاندماج”، مؤكدة أن حكومتها لن تدعم أي حكومة جديدة ما لم تُطبق إجراءات أكثر صرامة.
من جهة أخرى، طالب نائبها أودو لاندباور (FPÖ) بوقف اللجوء بشكل كامل، محملًا وزارة الداخلية مسؤولية “الفشل التام” في إدارة ملف الأمن. كما دعا إروين أنغيرر، رئيس حزب الحرية في كيرنتن، إلى إغلاق مركز اللجوء في فيلاخ-لانغاوين، إلا أن الوكالة الاتحادية لرعاية اللاجئين (BBU) أكدت أن المشتبه به لم يكن مقيمًا في أي منشأة تابعة لها، وبالتالي فإن الادعاءات بشأن ارتباطه بمركز اللجوء غير صحيحة.
تفاصيل الهجوم والشجاعة الفردية
أوضحت الشرطة أن الجاني استخدم سكينًا قابلة للطي ذات نصل طوله 10 سنتيمترات، وهاجم عشوائيًا المارة، ما أدى إلى وفاة المراهق البالغ من العمر 14 عامًا وإصابة خمسة أشخاص آخرين، وهم: شابان يبلغان من العمر 15 عامًا، ورجال تتراوح أعمارهم بين 28 و36 عامًا.
وفي تطور مثير، أشار تقرير الشرطة إلى أن عامل توصيل سوري كان شاهدًا على الحادث وقام بدهس المهاجم بسيارته لمنعه من مواصلة الهجوم، وهو ما اعتُبر تدخلاً بطوليًا حال دون وقوع المزيد من الضحايا.
إدانة واسعة وإعلان الحداد في فيلاخ
وصف الرئيس النمساوي ألكسندر فان دير بيلين الهجوم بأنه “مروع”، مشيرًا إلى أن “لا شيء يمكن أن يعوض عن الألم والخوف الذي خلفه هذا الاعتداء”. كما أدانت الجالية الإسلامية في النمسا (IGGÖ) الهجوم، مؤكدة أن “هذه الجريمة تتعارض تمامًا مع قيم الإسلام”.
وفي أعقاب الحادث، أعلنت مدينة فيلاخ أسبوع حداد رسمي، فيما طالب عدد من السياسيين بتطبيق “أقصى العقوبات القانونية” ضد الجاني، ومن بينهم أندرياس بابلر (SPÖ) وكريستيان شتوكر (ÖVP).
أما زعيم حزب الخضر، فيرنر كوغلر، فأعرب عن صدمته الشديدة، بينما أكد المستشار النمساوي ألكسندر شالنبيرغ (ÖVP) أنه “في غاية الحزن”. في المقابل، اعتبر زعيم حزب FPÖ هربرت كيكل أن الهجوم يكشف “فشلًا منهجيًا في التعامل مع ملف الأمن”، مؤكدًا أنه “لم يعد يحتمل سماع تصريحات الحكومة حول تطبيق أقصى العقوبات، فهذا يجب أن يكون بديهيًا”.