انتقادات دولية لتصريحات حزب الحرية النمساوي حول اللاجئين والاتحاد الأوروبي

أعرب حزب الشعب النمساوي (ÖVP) عن استيائه الشديد من التصريحات الأخيرة التي أدلى بها نائبا المجلس الوطني عن حزب الحرية (FPÖ)، Harald Stefan وMarkus Tschank، والتي تضمنت انتقادات حادة لحزب الشعب ودعوات للخروج من الاتحاد الأوروبي، ووفقًا لما نشرته صحيفة “Standard”، وصف نواب حزب الحرية حزب الشعب بـ”المثير للشفقة” واتهموه بالسعي وراء السلطة دون مبادئ واضحة، في حين أعربوا عن رغبتهم في الخروج من الاتحاد الأوروبي، مشيرين إلى أنه يجب “فعليًا” الانسحاب منه. ورد حزب الشعب على هذه التصريحات مؤكدًا ضرورة وجود برنامج حكومي يدعم التوجه الأوروبي بشكل واضح.

وقالت قيادة حزب الشعب في بيان للوكالة النمساوية للأنباء (APA): “نشعر بالاستياء العميق من تصريحات سياسيي حزب الحرية الذين يطالبون علنًا بالخروج من الاتحاد الأوروبي. بالنسبة لنا، من الواضح أن أي برنامج حكومي محتمل يجب أن يكون مؤيدًا بشكل قاطع للاتحاد الأوروبي، مع التزام واضح بأن تظل النمسا جزءًا موثوقًا ومساهمًا في الاتحاد. لن يكون هناك خروج من الاتحاد الأوروبي مع حزب الشعب”.

تصريحات تثير الجدل في فعالية لحزب الحرية
جاءت هذه التصريحات المثيرة للجدل خلال فعالية سياسية لحزب الحرية في Simmering يوم 8 يناير، وتم توثيقها عبر مقاطع فيديو سرية التقطها صحفيون فرنسيون، وفي هذه الفعالية، وصف النائبان الأفغان اللاجئين بـ”الطفيليات”، وأشادا بنظام طالبان، حيث اعتبر Stefan أن النظام القبلي في أفغانستان فعال في التعامل مع الأزمات، وأضاف أن من لا يلتزم بالقواعد يُرسل إلى أوروبا، زاعمًا أن اللاجئين الذين يصلون إلى النمسا يمثلون “آخر ما تبقى من الطفيليات”.

كما تضمنت تصريحات النائب Tschank انتقادات للاتحاد الأوروبي، حيث وصفه بأنه “نظام يفرض رقابة ويحد من حرية التعبير”، مشيرًا إلى ضرورة العمل على “إلغاء” الاتفاقيات الدولية مثل الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان أو تعديلها بشكل جذري، كما أشار إلى إمكانية تقديم أموال لطالبان لإعادة اللاجئين الأفغان إلى وطنهم.

ردود أفعال واسعة من الأحزاب والمؤسسات
أثارت هذه التصريحات ردود فعل غاضبة من مختلف الأحزاب والمؤسسات في النمسا وخارجها. فقد انتقدت المنظمات الحقوقية، بما في ذلك المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR)، هذه التصريحات بشدة، مشيرة إلى أن الأفغان يفرون منذ سنوات من انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة، خاصة النساء والفتيات، اللواتي يعانين من أوضاع “مقلقة للغاية”. كما رأت منظمة “asylkoordination österreich” أن هذه التصريحات تكشف عن “فكر استبدادي معادٍ للديمقراطية” داخل حزب الحرية.

على المستوى السياسي، اعتبر المتحدث الرسمي باسم حزب الشعب لشؤون الدستور، Wolfgang Gerstl، أن لغة حزب الحرية في التعامل مع وسائل الإعلام والأحزاب الأخرى “مؤسفة وتثير الحيرة”، من جهتها، أكدت رئيسة ديوان المحاسبة، Margit Kraker، على أن التمويلات الحكومية يجب أن تكون موضوعية ووفقًا للوائح، وليست خاضعة للأهواء السياسية.

انتقادات من الأحزاب الأخرى
وجهت أحزاب المعارضة انتقادات لاذعة لحزب الحرية. حيث اعتبر Klaus Seltenheim، الأمين العام لحزب SPÖ، أن هذه التصرفات تعكس “الوجه الحقيقي” لحزب الحرية الذي “يغرق في الكراهية والعدوانية”، ووصف Michael Ludwig، عمدة فيينا، هذه التصريحات بأنها “مقلقة للغاية”، خصوصًا فيما يتعلق بحرية الصحافة.

من جهة أخرى، وصفت Beate Meinl-Reisinger، رئيسة حزب NEOS، تصريحات حزب الحرية بأنها “هجوم على حرية الرأي والصحافة”، معتبرة أن الحزب يسعى إلى تدمير الإعلام المستقل لصالح وسائل إعلام حزبية موجهة.

محاولات للتهدئة من حزب الحرية
في محاولة لاحتواء الأزمة، قلل الأمين العام لحزب الحرية، Christian Hafenecker، من أهمية التصريحات، مشيرًا إلى أن مثل هذه التعبيرات قد تحدث أيضًا في لقاءات غير رسمية لأعضاء حزب الشعب، ودعا إلى التركيز على تحقيق مشروع حكومي مشترك وعدم الانشغال بـ”تفاصيل صغيرة”.

لكن تصريحات رئيس حزب الحرية، Herbert Kickl، كشفت عن مواقف حازمة، حيث أكد ضرورة فرض شروط صارمة في أي مفاوضات لتشكيل الحكومة مع حزب الشعب، وأضاف أن الحزب يجب أن يظهر قوته ويفرض برامجه السياسية بشكل واضح، مشددًا على أن حزب الحرية هو الطرف الأقوى في هذه المعادلة.

إدانة دولية لتصريحات الحزب
تصاعدت الانتقادات أيضًا على المستوى الدولي، حيث أكدت جهات دولية أن مثل هذه التصريحات لا تتماشى مع القيم الديمقراطية وحقوق الإنسان التي تلتزم بها الدول الأوروبية. وأشارت إلى خطورة هذه المواقف على استقرار التوجهات السياسية للنمسا داخل الاتحاد الأوروبي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى