صعود اليمين المتطرف في النمسا يكشف تآكل جدار الحماية الأوروبي

قبل خمسة وعشرين عامًا، واجهت النمسا استياءً واسعًا من الاتحاد الأوروبي عندما اقترب حزب يميني متطرف من المشاركة في الحكومة، مما أدى إلى فرض عزلة سياسية على البلاد. اليوم، تبدو الأمور مختلفة تمامًا، حيث تراجع “جدار الحماية” الذي أقامه الاتحاد الأوروبي سابقًا ضد صعود أحزاب أقصى اليمين إلى السلطة في الدول الأعضاء، وهو ما أشارت إليه مجلة بوليتيكو الأمريكية.

مع استعداد هربرت كيكل، زعيم حزب الحرية (FPÖ)، لتولي منصب المستشار في النمسا، يبدو أن رد فعل قادة الاتحاد الأوروبي يتسم بالتسامح النسبي. كيكل، المعروف بمواقفه المتشددة، يدعو إلى “الهجرة العكسية” للمهاجرين من الجيلين الثاني والثالث، لكن قادة الاتحاد يبدون مكتفين بابتسامات متحفظة وتجنب التعبير عن معارضة علنية.

في الماضي، كان الاتحاد الأوروبي أكثر صرامة، مثلما حدث في عام 2000 عندما فرض عقوبات على النمسا بسبب مشاركة حزب الحرية في الحكومة، وكذلك في عام 2017 عندما اتخذ إجراءات مماثلة ضد بولندا. لكن اليوم، باتت الإجراءات العقابية غير مرجحة. ووفقًا لدبلوماسيين أوروبيين، فإن أقصى رد فعل محتمل تجاه كيكل قد يكون في شكل استقبال متحفظ على طاولة اجتماعات بروكسل.

مستشار النمسا المؤقت، ألكسندر شالينبرغ، حاول تهدئة المخاوف من خلال زيارته الأخيرة إلى بروكسل، مؤكدًا التزام النمسا بدورها كشريك موثوق في الاتحاد الأوروبي. ورغم ذلك، تشير بوليتيكو إلى أن قبول كيكل يمثل نهاية عهد كان فيه الاتحاد الأوروبي مصممًا على حماية قيمه الوسطية من تأثيرات اليمين الشعبوي.

بالمقارنة مع تعامل الاتحاد مع قادة مثل فيكتور أوربان في المجر، الذين استمروا في سياساتهم المثيرة للجدل دون ردود فعل حاسمة، يبدو أن الاتحاد الأوروبي قد تخلى عن نهجه السابق في مواجهة صعود اليمين المتطرف.

في السياق الأوروبي الأوسع، يتآكل جدار الحماية ضد اليمين الشعبوي بشكل متزايد. في العام الماضي، أعلنت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، استعدادها للعمل مع جورجيا ميلوني، رئيسة وزراء إيطاليا وزعيمة الحزب اليميني. كما تم تعيين شخصيات يمينية في مناصب عليا داخل المفوضية، في إشارة واضحة إلى التغير في الديناميكيات السياسية.

وفي العديد من الدول الأوروبية، ازداد اندماج الأحزاب الشعبوية مع الأحزاب المحافظة التقليدية، مما أدى إلى تراجع الخط الفاصل بين اليمين التقليدي واليمين الشعبوي، وهو ما يعكس تحولًا كبيرًا في السياسة الأوروبية.

وكالات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى