كيف يؤثر الجدل في النمسا حول ترحيل السوريين على حياتهم وأوضاع البلاد؟

في النمسا، كما في باقي دول الاتحاد الأوروبي، بات ترحيل السوريين إلى بلادهم بعد سقوط نظام الأسد الموضوع الأساسي الذي يناقشه السياسيون في البلد. فما تأثير القرارات الجديدة على حياة السوريين المقيمين في النمسا؟

تستضيف النمسا حوالي 146 ألف لاجئ وحاصل على الحماية الفرعية، وأكثر من 18,000 طالب لجوء، وفقا لإحصائيات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

ويشكل السوريون معظم اللاجئين في البلاد، بما قدره 58 ألف شخص، من بينهم 2400 تم إلغاء طلبات لجوئهم منذ سقوط الأسد حسب صحيفة دير شتاندارد التي نقلت التفاصيل عن وزارة الداخلية النمساوية. 

مباشرة بعد سقوط بشار الأسد، فاجأت الحكومة النمساوية التي يقودها المحافظون، السوريين في البلاد بعرض “مكافأة عودة” تبلغ ألف يورو على اللاجئين السوريين للعودة إلى وطنهم.

وأوضح حينها المستشار المحافظ كارل نيهامر، عبر منصة X (تويتر سابقا)، قائلا إن “البلاد تحتاج الآن إلى مواطنيها لإعادة بنائها”. مشيرا أيضا إلى إن الوضع الأمني في سوريا سيجري إعادة تقييمه للسماح بترحيل اللاجئين السوريين.

فزع بين اللاجئين السوريين!

علاء الدين نقشبندي الذي يعمل في مجال الاستشارة وتدريس اللغة الألمانية، قال لمهاجر نيوز إن السوريين في النمسا خاصة منهم الحاصلون على اللجوء، “أصابتهم حالة فزع شديد، وكثير منهم أصبحوا غير قادرين على التركيز على أهدافهم سواء في دراسة اللغة أو أمور الاندماج، كما أنهم صاروا يحاولون إيجاد بدائل”.

كل هذا سببه حسب المتحدث “التصريحات السياسية أولا والتركيز المبالغ فيه من السياسيين على الموضوع، وما يتلقاه المهاجرون واللاجئون من معلومات مغلوطة عبر وسائل التواصل الاجتماعي”.

عبد الكريم الأحمد السمير، سوري يعمل في النمسا طبيب أسنان، اعتبر أنه عند سقوط النظام “انشغل بال من لم يحصلوا على لجوء ويعتمدون على المساعدة الاجتماعية، خاصة عند ذكر خيارات الترحيل من السياسيين، رغم أن القوانين في النمسا تحمي حق أي لاجئ إلا إذا كان قد صدر في حقه حكم جنائي، فحينها يعاد النظر في ملفه وقد يتم ترحيله إلى بلده الأم.”

انخفاض طلبات اللجوء المقدمة من السوريين

منذ إعلان وزير الداخلية غيرهارد كارنر عن برنامج لإعادة اللاجئين وترحيلهم وتعليق قرارات اللجوء بالنسبة للسوريين، انخفضت الطلبات المقدمة من حاملي الجنسية السورية بنسبة 55 في المائة مقارنة بيناير/ كانون الثاني 2024.

فقد تقدم 618 مواطنا سوريا بطلبات لجوء في النمسا في يناير/ كانون الثاني، مقارنة بـ 1393 في الشهر ذاته من عام 2024. كما أن كل من تقدم حاليا بطلب، فسيتم تسجيله ولكن لن تتم معالجته.

هل يحصل المغادرين على 1000 يورو فعلا؟

أبرزت صحيفة دير ستاندارد أن 80 سوريا قد غادروا النمسا طواعية، كما عقدت الوكالة الاتحادية للرعاية والدعم حوالي 440 استشارة مع السوريين لمساعدتهم في تنظيم عودتهم.

ما يعلمه الجميع، أنه إذا غادر السوريون طوعا اليوم من النمسا، فإنهم يحصلون على ما يصل إلى 1000 يورو كمساعدة، وحين إعلان عودتهم إلى بلدهم بشكل دائم، يتم إلغاء وضع الحماية الممنوح لهم. 

تقدم 350 شخصا بطلب من أجل المغادرة الطوعية فعلا منذ سقوط نظام بشار الأسد حسب وسائل إعلام محلية، نقلت عن كارنر أن من البعض عادوا بالفعل، لكنهم لم يستفيدوا من العرض بعد.

متحدث باسم وزارة الداخلية صرح بإحصائيات عن مدى استفادة المواطنين السوريين من مساعدات العودة في السنوات الأخيرة. والتي كانت على النحو التالي: في عام 2024، تم إجراء 88 مغادرة طوعية، تم دعم 44 منها.

أما عام 2021 فكانت هناك 43 مغادرة طوعية (تم دعم 26 منها)، وفي عام 2022 كان هناك 64 حالة مغادرة طوعية، تم دعم 45 منها. وأخيرا عام 2023، كان هناك 101 حالة مغادرة، دُعِمَت نصفها. كما تساعد النمسا أيضا في الأمور التنظيمية، مثل حجز الرحلات الجوية أو الحصول على المستندات.

هل يترك السوريون البلاد مقابل 1000 يورو؟

بالنسبة لعبد الكريم الأحمد السمير، فإن “مبلغ 1000 يورو الذي عرضته الحكومة مقابل المغادرة رقم ضئيل جدا”. وأضاف المتحدث في حديثه مع مهاجر نيوز، أن “المساعدة الاجتماعية تقدم تقريبا المبلغ نفسه شهريا لكل لاجئ”.

وقارن الطبيب السوري المقيم في النمسا، عرض الحكومة النمساوية بعرض الدنمارك السخي، إذ عرضت الأخيرة عرضت مبلغا يزيد عن 20000 ألف يورو لكل لاجئ سوري يريد العودة إلى وطنه.

وأضاف بالقول: “الحياة الكريمة التي يعيشها اللاجئون في الاتحاد الأوروبي من حيث الأمن والأمان والتأمين الصحي والتعليم لأطفالهم والميزات الكثيرة الأخرى كلها عوامل للبقاء هنا حاليا”.

علاء الدين نقشبندي، الذي يعمل في مجال الاستشارة، قال أيضا أن “مبلغ 1000 يورو اعتبره كثير من السوريين نوعا من الإهانة، خاصة من قضى منهم وقتا طويلا في النمسا، وأسس حياة جديدة واستطاع أن يقوم بأعمال تجارية ناجحة ومشاريع أدت إلى ازدهار الاقتصاد النمساوي وسد فجوة كبيرة”.

واعتبر المتحدث أن الجالية السورية قدمت حلولا لمشاكل كبيرة تعاني منها أوروبا، منها توفير اليد العاملة والخبرات. 

هل يجوز ترحيل اللاجئين قسرا من النمسا؟

بدوره اعتبر لوكاس غاليتنر غيرتز، هو محام ومتحدث باسم المنظمة غير الحكومية Asylkoordination Österreich، في تصريحات لصحيفة فولهايسبيد النمساوية، أنه “لا يجوز للدولة النمساوية ترحيل الأشخاص إذا كانوا معرضين لخطر التعرض لمعاملة غير إنسانية في بلدهم الأصلي”.

وفيما يتعلق بالمساعدة على العودة، يقول غيرتز: “في الماضي، كانت قيمة المساعدة مالية 900 يورو للعودة الطوعية، لكن لا ينبغي أن نتوقع معجزات من هذا الإجراء، لأنه يدعم الأشخاص الذين قرروا بالفعل وعم على وشك العودة إلى ديارهم طواعية، لكن الاعتقاد بأن الناس سيتركون وراءهم الحياة التي بنوها هنا مقابل 1000 يورو، فهذا أمر سخيف”.

من جهته، دعا علاء الدين إلى التفكير فيما وفرت النمسا وألمانيا وغيرهما من البلدان الأوروبية عندما وصلت إليها يد عاملة متخصصة. وقال “إذا كانت صرفت هذه البلدان عليهم ملايين لتعليمهم اللغة وتسهيل عملية الاندماج فهي في الواقع وفرت مليارات على إعداد المهندسين والأطباء، ووصلوا إليها جاهزين، يجب التفكير في كيفية الحفاظ عليهم وكيف استقطب أمثالهم وليس العكس”.

واستغرب المتحدث من كون السياسيين يركزون على الترحيل بهذه الحدة مقابل الصمت على المشاكل التي تواجها أوروبا عموما، وقال “كان من الأولى التركيز على هجرة الشركات بسبب الضرائب العالية وبحث هذه الشركات عن أسواق خارجية”.  

واعتبر المتحدث إنه “يجب على المهاجرين واللاجئين التمييز بين القانون والسياسة، فـ الممارسات التي تهدف لإرضاء الناخبين وتسليط الضوء على جوانب معينة على حساب فئة من المجتمع، إذا كانت هذه الممارسات لا تتماشى مع القانون عندها يمكن لأي طرف اللجوء إلى القضاء للاعتراض عليها”.

infomigrants

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى