‘يا أبو كريم لا تكن لئيم’.. نمساوي من أصول مصرية يتجنّى على اللاجئيين السوريين

مقال رأي لـ أحمد مراد

في وقت يفترض فيه أن يكون التضامن بين أبناء الجاليات العربية في أوروبا ركيزة لمواجهة صعود العنصرية، فوجئنا بمنشور كتبه شخص نمساوي من أصول مصرية يصف نفسه بـ “نمساوي أبو كريم”، يهاجم فيه اللاجئين السوريين في النمسا وألمانيا بخطاب لا يخلو من التحريض والتشويه والهستريا أحياناً.

م. أحمد مراد
اعلامي عربي
مقيم في فيينا

بداية الحكاية

في منشوره الطويل، يتباهى أبو كريم ساخرًا بأن اللاجئين السوريين “أوقعوا بين ألمانيا والنمسا”، ويتهمهم بأنهم تسببوا في تدهور العلاقات بين البلدين بسبب “جرائمهم”، بحسب تعبيره. ويصفهم بأنهم استغلوا القوانين والديمقراطية الأوروبية لتنفيذ أعمال “نصب واغتصاب وقتل”، ويصل به الأمر إلى القول إنهم أساءوا لسمعة العرب عمومًا، في مقارنة سطحية ومضللة، ويعتبر أن الدول التي أغلقت حدودها – كالمجر – كانت “الأذكى”. بل يختم منشوره بمفارقة سريالية إذ “يرفع لهم القبعة” لأنهم – حسب زعمه – “كشفوا عجز الدول العظمى”.

خطاب مريض

لكن الحقيقة أن ما كتبه “أبو كريم” لا يُعدو كونه إعادة تدوير للخطاب الشعبوي الذي تتبناه الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا، غير أنه هنا يأخذ طابعًا أخطر لأنه صادر من شخص عربي، يُفترض به أن يعرف ما يعنيه الظلم واللجوء والتجربة الصعبة في الاندماج داخل مجتمعات جديدة.

إن اختزال معاناة مئات الآلاف من اللاجئين، وتلطيخ سمعتهم بسبب سلوكيات فردية معزولة، لا يخدم إلا أجندة العنصريين الذين لا يميزون بين لاجئ شريف وعابر سبيل متهور. اللجوء ليس تهمة، بل نتيجة لواقع مرير عاشه أصحاب الحق، من هربوا من الموت في بلادهم بسبب نظام الأسد البائد والجماعات المتطرفة، ومن حاولوا بناء حياة جديدة بكرامة في ظل بيئة غريبة وصعبة، وأثبتوا نجاحهم في فترة قياسية مقارنة بغيرهم من الجاليات العربية.

التنكر للواقع

بدلًا من جلد الضحية، لماذا لا يتساءل “أبو كريم” عن دور السياسات الأوروبية المتذبذبة، أو عن غياب برامج الاندماج الفعالة، أو حتى عن تغافل الحكومات عن تنامي الخطابات المتطرفة التي تزرع الخوف والكراهية في الشارع الأوروبي؟

من المحزن أن يتحول البعض إلى أبواق تطلق الأحكام بالجملة، بينما هم أنفسهم – لولا فرصة الهجرة أو اللجوء – لكانوا اليوم من بين من يُتهمون زورًا. ومن المحزن أكثر أن يتم تسويق خطاب مليء بالشماتة والسخرية والسطحية والشعبوية، على أنه “واقعية”، بينما هو في حقيقته انزلاق أخلاقي خطير لا يمثل أخلاق المصريين.

اللاجئ ليس العدو، بل هو مرآة لخذلاننا كعرب، ولتخاذل العالم عن حماية الإنسان في أرضه ووطنه.

تعليق واحد

  1. ابو كريم على الاغلب كتب كده لمجرد خوفة ان فلوس الSozial اللي بتجيله كل شهر ممكن تقف مش اكتر. لكن هناك نقطة مهمة في المقال و هي مش بس ان برامج “الاندماج” غير فعالة و لكن من الواضح بأن في توجه عام من الافراد بعدم دمج الاجانب بشكل عام مع المجتمع النمساوي في شكل معاملة غير مقبولة في الاماكن الحكومية او الاسواق العامه او غيرها.
    المجتمعات الاوروبيه والنمساوي و الالماني بالأخص من الصعب الاندماج فيها بدليل ان ذوي الأصول الاجنبيه مازالو محتفظين بشكل او باخر باصولهم.
    ابو كريم لايمثل المصريين ولا النمساويين ذوي اصول مصرية و لا يمثل سوى نفسه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى