دراسة نمساوية حول تشابهات اليمين المتطرف مع فترة ما بين الحربين والحاضر

INFOGRAT – فيينا:
تشهد أوروبا في الوقت الحالي صعوداً ملحوظاً للأحزاب اليمينية والمتطرفة، وفي مقابلة مع موقع science.ORF.at، تشير المؤرخة ليندا إركر من أرشيف المقاومة النمساوية (DÖW) إلى وجود تشابهات بين الشبكات اليمينية المتطرفة الحالية وتلك التي كانت موجودة في فترة ما بين الحربين.

ORF

وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، في نهاية يونيو 2024، نفذت هيئة حماية الدستور عملية شرطة وطنية ضد التطرف اليميني، وتم القبض على شخص واحد ومصادرة مواد تتعلق بالنظام النازي، ومنذ ذلك الحين، يتم التحقيق مع 15 شخصاً آخر، وأكدت وزيرة العدل ألما زاديك (الخضر) أن المشهد اليميني المتطرف في النمسا يتمتع بشبكة تنظيمية قوية.

تشابهات بين الشبكات اليمينية الحالية وتلك التي كانت في فترة ما بين الحربين
أوضحت ليندا إركر أنه رغم عدم إمكانية معادلة الوضعين تماماً، إلا أن هناك تشابهات واضحة، على سبيل المثال، كيفية استجابة الجماعات اليمينية للهجرة: في عام 1919، تم تأسيس جمعية “Antisemitenbund” المتطرفة التي استخدمت هروب اليهود إلى فيينا من أجل ممارسة الدعاية المعادية للسامية، وكانت هذه الجمعية، التي كان هدفها نشر الكراهية ضد اليهود، ترتبط ارتباطاً وثيقاً بجمعيات يمينية أخرى مثل “Deutschen Klub”، وكانت مطالبها الراديكالية تُتبنى من قبل الأحزاب التقليدية مثل الأحزاب الكبرى والكنيسة المسيحية الاجتماعية.
ساهم ذلك في زيادة الاستقطاب الاجتماعي. كما كانت الانتقادات للصحافة والجامعات والعدالة من الأمور الشائعة آنذاك، وقد لوحظت تشابهات مع الجماعات اليمينية المتطرفة في السنوات الأخيرة، حيث تم تبني العديد من مطالبها الراديكالية، مثل إعادة الترحيل، من قبل أحزاب مثل حزب الحرية النمساوي (FPÖ) وحزب البديل لألمانيا (AfD)، كما لعبت الجماعات اليمينية دوراً في عدم توقيع النمسا على ميثاق الهجرة التابع للأمم المتحدة في عام 2018.
الأنظمة السرية والراديكالية في فترة ما بين الحربين
إركر تشدد على أن الشخصيات السياسية من النخبة استخدمت الجمعيات غير الرسمية لتبادل المحتويات المعادية للديمقراطية والمعادية للسامية، مما ساهم في تعزيز انتشار هذه الأفكار، وقبل عام 1938، كانت هناك شبكات قوية من وسائل الإعلام اليمينية المتطرفة التي حصلت على دعم من ألمانيا بمرور الوقت، وقد اشتملت هذه الجمعيات على مجموعة واسعة من الأساليب من التدخلات السرية إلى الحملات العلنية ضد الأعداء اليساريين أو اليهود أو الماسونيين.
كان هناك أيضًا تعاون بين الأحزاب المسيحية الاجتماعية والنازيين في بعض الجمعيات السرية، مثل “Deutsche Gemeinschaft”. الهدف كان احتكار المناصب السياسية في القطاع العام وإبعاد اليساريين والليبراليين واليهود من هذه المناصب، وقد نجحوا جزئياً في تحقيق هذا الهدف.
النادي الألماني ودوره في تأجيج التطرف
أحد هذه الشبكات القوية كان “النادي الألماني”، وهو جمعية أقل دراسة والتي كانت تعمل في فيينا من عام 1908 إلى 1939 ولعبت دوراً مهماً في اختراق النمسا من قبل النازيين في الثلاثينيات، وضم النادي حوالي 1000 عضو من النخبة اليمينية المتطرفة، بما في ذلك موظفون حكوميون كبار وأساتذة جامعات وأطباء ومحامون وساسة كبار.
الوجود المستمر للأيديولوجيات من فترة ما بين الحربين
توضح إركر أن بعض الأعضاء البارزين في “النادي الألماني” كانوا متورطين في محاولات انقلابية ضد الحكومة، ومع ذلك لم يتم إغلاق النادي إلا لبضعة أسابيع فقط، الأعضاء البارزون في النادي، الذين كانوا يعرفون بـ “النمساويين النازيين”، تبنوا الكثير من محتويات الأيديولوجية النازية وواصلوا حياتهم المهنية بعد نهاية الحرب العالمية الثانية.
المعادية للسامية في النمسا وأثرها المستمر
تشير إركر إلى أن العداء للسامية كان موجوداً في جميع الأحزاب في ذلك الوقت، وقد لعبت الجمعيات اليمينية المتطرفة دوراً كبيراً في تزايد هذا العداء، وكانت هناك تحالفات بين الدينية والأيديولوجية التي أدت إلى استخدام العداء للسامية كأداة لتحريك الجماهير وأداة تفريق “وطني” في تشكيل الهوية المتذبذبة للدولة الجديدة.
أثر الأنظمة الدكتاتورية على التعليم
توضح إركر أنه خلال فترة الحكم الدكتاتوري في النمسا من 1933 إلى 1938، كانت هناك تغييرات كبيرة في هيئة التدريس بجامعة فيينا، حيث تم إلغاء 23% من المناصب الأكاديمية، وتمت ترقيات فقط لأعضاء الكلية الكاثوليكية، وهذه التعديلات كانت تهدف إلى تشكيل المعلمين وإعادة تشكيلهم بشكل يتناسب مع الأيديولوجيا الدينية.
التواصل مع الماضي بعد الحرب
تشير إركر إلى أن الكثير من أعضاء النخبة السابقة من فترة الحكم الدكتاتوري عادوا بسرعة إلى المناصب القيادية بعد انتهاء فترة الحكم النازي، وذلك على الرغم من أن غالبية الذين تم طردهم بسبب معاداة السامية لم يحصلوا على نفس الفرص.
مثال بارز على ذلك هو حياة هاينريش دريمل، الذي كان له دور بارز في الأوساط السياسية بعد الحرب، وواصل علاقاته مع الأعضاء السابقين في الأنظمة المتطرفة، مما يوضح استمرار التأثيرات السابقة حتى بعد الحرب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى